بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 26 أغسطس 2017

نشر هروب مدينة الأقبية مجمعة الجزء الأول


انه العام .......وقد تغير العالم كثيرا أو لم يتغير اﻻمر منوط بعين الرائي ، فبينما يستقبل البعض كل جديد بأمل و انبهار ، يراه البعض مجرد طور أو مرحلة فى الطريق الى الزوال ثم الظهور فى زيارة أخري.
المشهد فى مدينة اﻻقبية مظلم لكنه ساحر بعيد عن اﻻفق ، آمن ليس ثمة شواطئ و ﻻ سحب ﻻنجوم أو نيازك .
نحن نعيش أزمة موارد ، خاصة الماء ؛ لذلك نعيد تنقية مياه الصرف ، ﻻ تتعجب نعيد تنقيتها انها تستخدم عدة مرات حتى تصبح غير صالحة للتنقية . إنها أزمة مستنصرية حقا ، ﻻ تتعجب من مصطلحاتى التاريخية فأنا فى أزمة أخرى ، مريض بالحنين إلى الماضى ،كم أخرنا التشبث بالماضي ذلك التراث الذى لفظه الجميع ليتحرروا و مازال أمثالى يحاربون طواحين الهواء .
هه..  حبذا لو وجد هواء يحرك الطواحين  ، فى مدينة اﻻقبية الهواء هنا ثقيل سميك أما الرياح الخفيفة فقريبة بعيدة يصعب الوصول اليها ويستحيل اﻹفادة منها إﻻ إذا كنت فى عمل ، هذا للساعون الجادون أما المتخاذلون مثلي فيطلبون مئونتهم من المخلفات التى تأتى من فوق أو ينتظرون وجباتهم بعد نهاية يوم من العمل في المجارير إنه العمل اﻷكثر انتشارا هنا ويتم توظيف جميع سكان اﻷقبية تقريبا في نفس الوظيفة، إن العمالة هنا تفوق الحاجة بكثير لكن الغرباء ﻻيرغبون في تسريح هؤﻻء إنهم بطالة مقنعة يتحركون ببطء بأجسادهم الهزيلة وبطونهم المنتفخة .
لقد اقترب (ﻻمى)* هذا المتحذلق الذي خرب عقلي ، ما حدثته مرة حتى أنسانى الحق و خلط التعاليم التى تعلمتها وحفظتها لن أجعل أيا من كلامه يسكن رأسي يقرأ أوراق قديمة وهل هناك من يقرأ اﻷوراق في عصرنا هذا  ، ليس ثمة إنسان يعرف رموز تلك اللغة البائدة_أقصد المكتوبة_ يكفينا اﻵن أن نتواصل بالصوت بل صار من الممكن ايصال اﻷفكار للدماغ مباشرة يستطيع الغرباء فعل هذا و أكثر.
ﻻمى: صديقي( كنان)* .
كنان: هلا صنعت مجرفة يا( ﻻمي).
ﻻمي:ﻻ أستطيع.
كنان:إذن اصلح المحبس.
ﻻمى:لست بارعا في ذلك.
كنان:و فيم تبرع إذن؟ في اﻻبتعاد عن العمل والمفاخرة ببطنك المسطح.
ﻻمي:ﻻ آخذ إﻻ حقى من الوجبات ، ﻻ اتسلم الطيب و ﻻ السماعات الحسية لذا فأنا أعمل على قدر أجرتي.
كنان:ﻻ أدري كيف تنام دون السماعات ودون الطيب كيف تتحمل الرائحة.
ﻻمى:كلاهما سواء.
كنان:ماذا؟!!
ﻻمى:رائحة الهواء هنا وطيب الغرباء يؤذيان البطون أنا أتنفس هواء جافا ليس لزجا رطبا كهواء اﻷقبية .
كنان: ومن أين لك بالهواء الجاف هل فى اﻷقبية هواء جافا؟!
لامي: من خارج اﻷقبية .
كنان: اصمت أتريد أن تودي بنا والله لتضيعنك ورقاتك هذى، تحرك و لتعمل نافعا فأحد الغرباء قادم ، أم أنك قرأت في أوراقك عنه أمر نجهله.
(لامي) بينما ينظر ﻷحد الغرباء :إنهم قادمون من بعيد لم يراهم قط كاتبو الأوراق.
كنان : لو رؤوهم لتركوا الرمز وللحقوا بنا، أنت تدعي أنهم قديما كانوا صلاب اﻷجسام دقيقي القد كما لو كنت تصف الغرباء والله ما تلك إلا أكاذيب انتحلها أحمق بل لعلهم دون أذناب أيضا.
(ﻻمي) يتحرك بعيدا عن موقع الغريب محدثا نفسه:هل كنان على صواب؟ أشعر بتغير في حركة امعائي وبشرتى إنها تتساقط حتى ذنبي أشعر به ينكمش .
ماذا لو لو تسممت؟ سيعرف الجميع سري سيتسائل الجميع كيف وصلت إلى  الخارج وتنشقت الهواء مباشرة ؟ اﻵن برح الخفاء وتبين غبائي لقد صدق الجميع وكذب تفكيري لماذا أثق بعقلي؟ الذي لطالما خذلني ، ألم أتعلم الدرس ؟ إن تذكر ما حدث يعتصر قلبي ،ﻻ سأطرد تلك الذكرى المؤلمة من خاطري .
كيف أقنعت نفسي بتنفسه و أنا أعلم كم تغير الهواء؟ لقد استبدلوا النتروجين بنظير يناسب أجسامهم ،هل صدق المذيع ؟ لقد قال إن التعرض للهواء الطلق يسبب تشوهات .
الكل يعلم هذا و ﻻ يفكر حتى بالتعرض له واﻵن أجني ما قدمته يداي.
ولكن ربما..ربما أصبح أشبه بالغرباء بأجسادهم  الرشيقة وحياتهم الطويلة لعل نساء المدينة يعجبن بي حتى الحسناوات اللاتي يستولدن و ربما أستولد إحداهن كخالي (ساري) .
ماذا أقول؟ أي وهم أرسمه و كم خيال أتعلق به إنه يحذر من تشوهات ـ يرفع رأسه و ينظر للمذيع ـ وأنا أصنع سرابي وأتبعه .
ماذا لو تمزقت أحشائي أو خرج ذنبي من رأسي؟ رأسي يؤلمنى اﻷفكار تتزاحم في هامتي الضيقة و أود أن أقطع ناصيتي ﻷطلقها ـ يلمس رأسه ثم يضع يه اليمنى حولها ـ كم أتمنى أن أطلقها إن انتفاخ الرأس أبغض إلي من إنتفاخ البطن.
إلى من ألجأ إلى الحراس سيصلبونني كالضفدع ويعبثون بأحشائى .
إذن أستسلم لمصيري ،أي مصير هذا؟ 
 سأذهب إلي أمي لقد كانت أم لخمس أنا أولهم وإن كنت أبدو أصغرهم.
يسير لامي مارا بعدد من الأقبية يلمح أمه من بعيد برفقتها شخوص ضخمة ، تبدو بذاتهم و خوذاتهم اللامعة من بعيد كتماثيل تخلد ملحمة على الرغم من حركتهم الواضحة الا أن ثمة جلال يحيط بهم يجعل من يراهم يظن أنهم في سكون..يحث لامي نفسه : ها هي ،إن الغرباء يحدثونها فهي من أكبر الناس عمرا في اﻷقبية .
الجو مظلم والمكان ضبابي رغم وجود إضاءة صناعية قوية ، الا أن لزوجة الهواء تجعل الرؤية مشوشة.
المكان نظيف خال من أي نوع من أنواع العفن و لكن رائحة العطن تملأ المكان ﻻبد أن الرائحة مصدرها الكتلة الحية في المكان ـ أقصد سكان اﻷقبية ـ  فاﻷنابيب محكمة الغلق عالية التقنية تجعل مجرد الظن بوجود تسرب وهم وجب طرده .
إن اﻷراضي شمعية الملمس دافئة لها قوام عشبى مخملي بعيدة عن صلابة الجدران اﻹسمنتية و وعلى الرغم من ذلك ﻻ تلتصق بها الرائحة أو اﻷوساخ ،المكان يمتلئ بتقنيات تدفع الجميع للشعور بالدونية واﻹحباط وشعور آخر يصعب تسميته لكنه قريب للغربة ، فكل أساسيات المعيشة تعتمد على تقنيات معقدة يستحيل على سكان اﻷقبية استيعابها .
الشوارع واسعة تتفرع منها ممرات تسير مع أنابيب شفافة جدرانها من مادة أشبه بالزجاج لكنه زجاج ذكى يتغير لونه تبعا للسائل داخله فإن كان من الفئة 1 كان اللون أخضر،وإذا كان من الفئة 2 كان اللون أحمر ،أما الفئة 3 فاللون يتغير للأزرق.اﻷمر مناسب إذا كنت من سكان اﻷقبية فكل ما عليك هو ضغط الزر صاحب اللون المطابق للون الزجاج هذا هو عملهم باﻹضافة إلى أعمال التنظيف - أقصد تنظيف مخلفاتهم القليلة التي ﻻ توفر المدينة تقنيات للتخلص منها ـ إليك كيف تتخلص المدينة من مخلفاتهم : الوجبات التي تسلم لهم فى نهاية اليوم لها غرف خاصة ﻹستلامها ومن ثم ﻷكلها ثم التخلص من الفضلات والملابس ثمة منفذ للتخلص منها كل دورتي عمل (ثمانية عشر يوما) لذا علينا تنظيف بقية فضلاتنا ، يتسلم كل منهم رفش ومعول ورافعة وعلينا ابتكار بقية أدواتنا أو قل تركيبها من القطع المتاحة.
يدخل ﻻمي على أمه يجدها مجتمعة مع الغرباء يفكر : لما ﻻ أحدثهم عن أفكاري حول نظام اﻷقبية تلك أﻷبنية التى تحجب الشمس وتقينا من اﻵشعة اﻵشعة الكونية* ودقائق بيتا وألفا* وغيرها من الجسيمات المادية لدي طرق أفضل للحماية آه إن لدي الكثير من اﻷفكار ، لدي ما ﻻ يملكه سواي، يمكن للجميع اﻻستفادة من أفكاري ، يمكننا  استخدام وسائل لتنفس نظير النتروجين -أقصد أهل المدن - نعم إن النظير عنصر مشع لكن يمكن تأيينه بواسطة أداة كهربية بسيطة كالتي أستخدمها ... آه أصمت .ـ يضع لامي يده على صدره ـ  تكاد تقول خذوني ، اصمت وانتظر حتى يغادروا ، لقد ذهب الغرباء آن اﻷوان ﻷعترف لها ترى كيف سيكون رد فعلها؟
ﻻمى:كيف حالك (سديم)؟ لم أرك منذ مدة.
سديم:و ما الذى أجبرك للقائي أعلم أنك تكره رؤيتى وتشمئز مني.
لامي: أنا فقط ﻻ أرتاح لمجلس الغرباء لعلني أهابهم.
سديم :غريب على الرغم من أنك أشبه سكان اﻷقبية بهم.
لامي :توقفي عن حديثك هذا ﻻ تخلبى منطقى الصافى به ، لقد تعلمت درسي.
سديم :نعم لقد تعلمته لم تعد تطيل الحديث وتفتخر بالمعرفة كما كنت سابقا لقد أصبحت تحتفظ بالكثير لنفسك كما يبدو.
لامي :إذن عم كنتم تتكلمون أنت و سكان اﻷقبية ؟
سديم :أﻻ يحق لي أن أحتفظ بمعرفتي لنفسي أنا أيضا؟
لامي :لم يكن ذلك ديدنك معي من قبل ولكن فلتفعلي فلن أنال منك إﻻ خطل و هذي فقد طال عمرك أكثر مما تحتمله أنسجة رأسك الصغير اللزج.
سديم :ما الذى أتى بك إلى هنا (ﻻمي)؟ تكلم و ﻻ تخش لن تفيدك سلاطة لسانك هنا أرى في عينيك البراقتين أمل وخوف تكلم.
لامي  :آه..ﻻ تعودي لحديثك هذا لقد قتلني من قبل و يقتلني اﻵن ولن تنقذيني وأنا أتعلق بك و أختنق بأملي لقد دفعتيني إلى الهرب من المدينة دفعتيني إلى الهلاك فهل تنقذيني؟
سديم :عن ماذا تتحدث ﻻمي ؟
 لامي :عما يحدث لي لقد تنفست هواء طلقا وشربت ماء جار إن بشرتي تتساقط وذنبي ينكمش وقريبا سأكون ضفدعا معلقا في بهو ما ، يشق الغرباء بطني بينما أشاهد أحشائى تتوزع بين أيديهم.
سديم :كيف؟ ماذا تقول؟وكيف وصلت لهواء طلق أو ماء جار ؟و لم مازلت حيا؟
لامي :من هذا الذي يختبأ خلف العمود ؟
سديم :أي عمود هل تتوهم (ﻻمي)؟ هذا ﻷنك ﻻ تستعمل الطيب.
لامي :ها هو يا أمرأة خلف العمود اﻷزرق .
سديم: وهل يمكنك رؤية ما خلف العمود من هنا؟
لامي:اصمتي إنه قادم نحونا .
سديم :صحيح أي نظر هذا؟ إنها لعين غريب عينك يا ﻻمي.
يقترب الشبح الذي رآه ﻻمي ، إنه أحد الغرباء في بذته اللامعه وخوذته الكبيرة ، يقترب بخطوات واسعة لكن ثابته نظرات اﻻنبهار تبدو على وجه سديم ، لكن على وجه ﻻمى تظهر ملامح أخري إنه يشعر بالغضب أمر مفهوم ، ولكن هذا الغضب يوجهه ﻷول مرة نحو أحد الغرباء ، ليس نحو (سديم) و ﻻ(كنان) بل نحو أحد الغرباء ، لكن ما فاجأ ﻻمى نفسه أن الغضب ممزوج باﻻحتقار، أمر غريب لطالما احتقر ﻻمي الجميع أمه (سديم ) ، صديقه العزيز (كنان ) ، نفسه ، ولكنه لم يحتقر أحد الغرباء قط بل لقد أعجب بهم  و تمنى لو صدقت تنبؤات سديم ، تمنى لو ارتقى الى فوق ، فوق اﻷقبية حيث الغرباء و الجميلات و طوال العمر من سكان اﻷقبية ، حيث ينشئ الغرباء جيلا جديدا من السكان ليحيى خارج اﻷقبية، أو ليجعل الحياة خارج اﻷقبية ممكنة ، اﻷمر مختلف اﻵن إنه يحتقره ويوقن بأنه كان خلف العمود يتحسس خطوات ﻻمي ويتجسس على كلماته مع (سديم) ، أليس لديهم قدرات أو آﻻت تمكنهم من اﻹحاطة بمثل تلك المحادثات؟ ثم أليسوا أعلى وأرقى من أن يتجسسوا على ساكن حقير قصير الأجل مثل (ﻻمي) ؟
الغريب بصوت هادئ رخيم لكن واضح أنه صناعي فلهم كلهم أصوات متشابهه  : (سديم) يبدو أنك منهمكة في اللقاءات اليوم لقد تركناك منذ ثواني وها أنت قد وجدت من يشغل محلك ﻻبد أنك مهمة حقا كما يظن سكان اﻷقبية ، مهمة جدا بشكل يسمح لك بالارتقاء فوق.
سديم والسعادة بادية على وجهها : إنه أحد أينائي سيدي، اﻷقرب إلي قلبي ممن استولدتموني انظر إليه أقسم إنه سيحيا أضعاف عمر أقرانه كما إنه مميز مميز جدا لقد رآك من بعيد من خلف العمود حتى أنني ظننته يتوهم.
الغريب وقد سمع لامي شيئا في صوته ، شيئا خالط صوته أمر غريب ﻻعهد لسكان اﻷقبية به مع الغرباء لطالما كانت أجهزتهم الصوتية محكمة ﻻ تشوش وﻻ تهتز ولكن الصوت يهتز ـ  فقط لامي سمعه ـ  يكمل صوت الغريب : أنا كما تعرفين أقوم بالحراسة.
ﻻمي :حراسة أي حراسة لم نسمع عنكم بأنكم تحرسون.
سديم :أعذره سيدي..ثم توجه حديثها نحو ﻻمي..:ومن يحرسنا إذن يا أحمق.
ﻻمي : يحرسنا مما يحرسنا؟ وهل يحيا في اﻷقبية سوانا وتلك اﻷنابيب؟ثم إن لديهم من القدرات أو اﻵﻻت ما يكفيهم عناء التجسس والتحسس.
تتغير وقفة الغريب حتى أن الرائي ليجزم إنه لو وجد تحت خوذته رأس كرأس سكان اﻷقبية لبدا عليه الغضب تلاحظ (سديم) هذا فتتدخل متكلفة اﻻبتسام وهو في الحقيقة ﻻيكون إلا متكلفا في اﻷقبية  : ﻻمي دع عنك الحماقة والسذاجة وشاهد الهولوجرام و لو مرة لتتعلم شيئا لقد صدق الجميع حين قالوا أن قلة الطيب أفسدت دماغك.
بدا أن كلا الغريمين -نعم غريمان هكذا ظهر (ﻻمي) في مواجهة الغريب -الحارس ، لطالما كان سكان اﻷقبية يظهرون أقزاما أمام الغرباء لكن ﻻمي بدا ندا حقيقيا - بدا الغريمان غير مهتمين بمحاولة (سديم) تهدئة الهواء، ﻷول مرة يتحرك هواء اﻷقبية الثقيل ،كانت محاوﻻتها دون جدوى ، غير الغريب وقفته مرة أخرى ،لقد بدا كحارس حقا هذه المرة فلو وجدت تحت خوذته رأس كالتي نعرفها لرأيت ملامح التيقن والثقه ، رأيت عملاقا ينظر إلى قزم و بالفعل بدا أن ﻻمي يتضائل إن أوصاله ﻻ تستطيع حمله إن جسده يتداعي لكن جسده فقط.
ﻻمي محدثا تفسه : ما هذا الشعور أشعر بصدري يطوى إنني أفقد الوعي ، ماذا ألم بي ؟
"يبدو إذن ان جسده ليس فقط الذي يتداعى ."
يسترد (ﻻمي) وعيه بصعوبه ليجد نفسه نائما على سرير مريح ملمسه شمعي كملمس أرضية اﻷقبية ولكنه ذا قوام داعم صلب يحاكي انحناء عموده الفقري ، سرير مريح لكنه ﻻ يشعر بالراحة بل بالضيق ؛ فهو غير قادر على تحريك أي من عضلات جسده الإرادية باستثناء حدقتيه حتى جفنيه لا يستطيع تحريكهما.
أي عذاب هذا ؟ كيف ينبثق هذا العذاب من جسد في أقصى درجات الراحة و اﻻستقرار، رغم أن جسده لم ينعم براحة كتلك من قبل - حقا راحة أبيقورية*-  لكن صدره يضيق ويطبق على صرخات محمومة تبحث عن طريق إلى حلقه ، يحاول تهدئة نفسه ، ترتيب أفكاره دون جدوى  فعقله مليء بنبوءات العذاب و اﻷلم ، سيقومون بتشريحه بينما يشاهد. 
وبينما تسير المركبة بسرير (ﻻمي) يرى هولوجرام إعلاني لمائة قرد يطبعون* على لوحة مفاتيح تبدو قديمة ، بينما يقف أحد السكان مبهورا بنتاج عملهم لم يفهم قط (ﻻمي) معنى تلك الدعاية لطالما رآها هو وسكان اﻷقبية لكن لم يفهموا مغزاها ، إنه أمر خاص بالغرباء كما يعتقد الجميع ، لكن ما أثار حيرته حقا كيف علم الجميع أنهم مائه قرد ؟رغم أن الدعاية ﻻتصرح بهذا حتى أنه من المستحيل إحصائهم نظرا لقصر الدعاية .
لقد هدأت تلك اﻷفكار روعه قليلا في حين يدخل لامي مكان أبيض الحوائط (كل حوائط مدينة اﻷقبية رمادية مائلة للسواد ) مما يدفع حدقتيه الى الانكماش ويشعر بعضلات حاجبيه.. هه، لقد جفل إنه يستعيد السيطرة على جسده يجب ألا يعلمهم بذلك ،هكذا قد يستطيع الهرب .
ولكن كيف علموا ،هل وشى به (كنان) منذ متى يراقبه الغريب_الحارس ؟  ولما لم يقبضوا عليه من قبل ، يقترب منه أحد الغرباء و يبدو أنه سيحل اﻷحزمة التي تربطه بلطف بسريره قائلا: ليس ثمة حاجة لهذا اﻵن ﻻبد أنك استعدت بعض تحكمك بجسدك.
تضرب المفاجأة ﻻمي حتى أنه يشعر بحيوية أكبر من التي تمنى أن يحظى بها لكي يهرب ، لكنه يحدث نفسه قائلا:لا أمل إذن.
الغريب يسأل:ﻻبد أنك تتسائل عما حدث لك اﻷمر واضح إذا كنت تفكر بوضوح وهو اﻷمر الذي أستبعده نظرا لكونك ﻻ تحصل على جرعتك من الطيب ، دعني أفسر لك إذن ، لقد واجهت أحد الغرباء .
ﻻمي يجيب كما لو أنه لم يسمع السؤال :أنا لم أفعل...يتوقف متعجبا ثم يستطرد:ما قصدك بواجهت أحد الغرباء؟
الغريب: أﻻ تقدر الغرباء.
ﻻمي بضيق: أنا لم أسئ اليه ، لقد تساءلت فقط
الغريب مقاطعا: ماذا تقصد بتساءلت فقط ، لقد أظهرت شكا في تصرفاته ثم حاولت ان تبني حججا لتؤكد ظنونك ، هل تظن أن الغرباء يخطئون ؟ هل تظن أنهم تصرفاتهم دون جدوى؟ يمكنني أن أعيد فحوى حديثك.
ﻻمي :هل هذا سبب فقداني الوعي ؟ ﻷنني شككت؟!
ينتظر الغريب قليلا ثم يرد : نعم بالتأكيد.
ﻻمي : إذن فبمجرد الشك بالغرباء يفقد المرء الوعي ، بمجرد الشك أم التشكيك؟!
الغريب يحول خوذته بعيدا عن ﻻمي يحرك طرفيه العلويين كمن ينشغل فى حديث مع أحد ما ثم يزداد توهج أحد جوانب البهو و ظهر غريب آخر يقول الغريب الجديد:  هل تظن أنك قادر، قادر على إظهارنا كمن  كمن يخطئ.
(ﻻمي) و قد تمالك نفسه فقد تحول بعض خوفه الى ثقة : أنا فقط أتسائل لم يحرسني أحد الغرباء؟..ثم يعتدل في جلسته.
الغريب القادم من الوهج : لقد ظننتك مجرد أحمق ، لكنك أسوأ من ذلك،إذن أنت تشكك في الغرباء ، تهيل مخلفاتك على فضلهم ، هل تظن أن بإمكانك أن تطمر الشمس؟ كيف كنت ستحيا لولا الغرباء ؟كيف كنت ستوجد لولا الغرباء؟هل تعرف ماذا يسمى كلامك هذا؟
لامى يرد بسرعة :هرطقة ، زندقة؟!..بدا رده لاذعا ، لكنه سرعان ما ندم وتمنى سحب كلمتيه اﻷخريين ، يستغل صمت الغريب يحاول التراجع عن كلماته ، ويكمل : سيدي كل ما أردته أن تسمح لي(سديم) بمقابلة أحد الغرباء ؛ لدي الكثير من اﻷفكار التي ستفيد اﻷقبية ، و طالما تمنيت أن أعرضها عليكم .
كانت تلك محاولة لخداع الغرباء-الحراس لكن يبدو انها لم تثمر.  فقد رد الغريب قائلا : إذن تريد أن تصعد فوق، يا لها من طريقة للصعود ! تزدري المكان الذي ترنو إليه....ثم تابع الغريب بنبره مختلفه جهورية صكت أذن ﻻمي : خذوه.
و غاب ﻻمي عن الوعي.
يفيق ﻻمي على رائحة غربية عليه ، رائحة مهيجة للأنوف رائحة احتراق يفتح عينيه على وهج شديد لم يشهده من قبل (إذا استثنينا وهج الشمس الذي أغرم به من المرة اﻷولى التي رآه فيها ) 
يجب أن نذكر كيف وصل (ﻻمي) للهواء الطلق كيف استظل بنور الشمس كيف تعرض ﻷول مرة لفيتامين  "د" طبيعى وليس عبر مصابيح اﻷقبية أو من خلال الوجبات ، إن التوغل حيث يحرص (ﻻمي) على إخفاء ذكراه اﻷكثر ألما أمر ضروري لتفهم ما سيقدم عليه (لامي) ، و حتى ﻻ تخيب توقعاتك ،الذكرى ليست مؤلمة لمقتل شخص عزيز عليه و ليست مؤلمة بسبب عذاب جسدي ، فلا يتعرض أهل اﻷقبية لعذاب جسدي ولم يروا أحد تعرض له من قبل ، إن اﻷقاويل عن أشخاص يتم تشريحهم و هم ينظرون مجرد أسطورة شعبية تنمو في عقول سكان اﻷقبية دون معرفة مصدر بذورها وتنتقل إلى كل وافد جديد كحبوب اللقاح ولكن دون رياح (لا رياح في اﻷقبية ) .
تتلخص تلك الذكرى كالتالي  "منذ اكتسب (ﻻمي) ادراكه ملأته سديم بمسلمات غير التي يحصل عليها من مؤثرات النوم ،أول تلك المسلمات أن (ﻻمي) سيكون عظيما و سيصعد إلى فوق مع من تفرد من سكان اﻷقبية ليعملوا تحت إشراف الغرباء ، ﻹخراج جيل جديد قادر على الحياة خارج اﻷقبية، وقد أظهر ﻻمي صدق نبوءة سديم في كثير من اﻷوقات ،إذ تعلم قراءة رموز اللغة المكتوبة وفك طلاسمها وكان يجمع اﻷوراق التي في القسم اﻷخير من المدينة حيث كان تحت اﻹنشاء.
ﻻ يسمح الغرباء للسكان بالاقتراب من الانشاءات لكن كان ثمة درجة من التساهل مع (ﻻمي) الصغير الذي تمنى أن يملك ورقات كالتي يملكها خاله (ساري) فقد كان الاخير رمز تفوق بين سكان اﻷقبية ، كان (ﻻمي) معجزة حقا يتجمع حوله السكان رغم ضآلته وينظرون إليه نظرات إعجاب لم توجه ﻷحد السكان قط حتى (ساري)، لكن معجزة (ﻻمي) الصغيرة لم تدم كثيرا فقد أصبحت كلماته مربكة ، وتوقف عن إبهار السكان بتجاربه البسيطة التي تشرح بعض قوانين الفيزياء بل وتوضح سبب ميل اﻷنابيب والحكمة من أن سماء- سقف اﻷقبية على هيئة قباب باﻹضافة إلى بعض الحيل الحسابية التي لم يعلم عنها أهل اﻷقبية شيئا، لقد غير كلماته فصار يتساءل عن الغرباء ، بل أسوأ صار يتساءل عن السكان أنفسهم و يدعي أنهم كانوا عظماء من قبل عظماء كالغرباء، كانت القاسمة حين قال: أين من يرقون فوق ؟وما الذي أنجزوه إلى اﻷن؟ ولما ﻻ نقابل أحدهم ؟ هل تعرفون أحد رقى إلى فوق باستثناء المستولدات؟
  انفض المجلس من حول ﻻمي في غضب وحيرة ، لكن ﻻمي الصغير تابع أحاديثه المربكة حتى صار مفسدا للمجامع.
وبينما يعود ﻻمي لترهاته رد عليه أحدهم : لو كنت ذكيا كما تدعي لصعدت فوق.
ﻻمي : لم أدعي ذلك و ما أقوله إننا ﻻ نعلم إن كان ثمة من يأخذ فوق باستثناء المستولدات. 
يتابع الرجل: لمجرد أنهم لم يأخذوك هذا ﻻ يعني أنهم ﻻ يأخذون أحد.
ثم في أثناء الحوار ـ و يا لسوء طالع لامي ـ  يعرض الهولوجرام في اﻷعلى دعاية تظهر بعض سكان اﻷقبية في ملابس غريبة بيضاء وفي غرف بيضاء يقومون بإنجاز أعمال تظهر الدعاية أنها ستنشئ جيلا جديدا من السكان قادرا على الصعود إلى فوق و العمل فى الخارج، بهت ﻻمي وأسقط في يديه ولم يشترك في مجمعا مرة أخرى ، لكن اﻷمر لم يقف عند هذا الحد فقد أسرع لامي حيث يجد السكينة و الثقة ، لقد ذهب حيث موقع البناء فوجده مليئا بالغرباء شاهدهم من بعيد برؤية ثاقبة ستزداد حدة فيما بعد ، لم يجرؤ (ﻻمي) على اﻻقتراب منهم كما اعتاد أن يفعل ولكنه زحف بموازاة خط اﻷنابيب حتى نهايته ليجد كومة من مادة اﻷرضيات اختبأ ورائها  وخطرت بباله فكرة انها خطيرة لكن (لامى) كان عازما على الهروب من ألمه ،الهروب الى وريقاته التي لطالما أعطته الثقة.

 إن قوام الأرضيات العشبى يغريه بسحب احداها ،هي كبيرة ولكن يمكن طيها ، طواها (لامي) مرتين لتشكل مربعا طول ضلعه أطول من (ﻻمي) قليلا دخل ﻻمي بأحد الطيات بعدما وضع أرضيته بجانب كومة اﻷرضيات ودفعها بقدمه فسقطت اﻷرضيات على الأرضية التي يختبأ بها ﻻمي جاء أحد الغرباء بعد سماعه لصوت اﻻرتطام واستخدم ذراعا آلية لتحمل اﻷرضيات ومن بينها اﻷرضية التي يختبئ بها (ﻻمي) تحركت المركبة أخرج (ﻻمي) رأسه و تفحص المكان باحثا عن أقرب الطرق للمكان الذي يجمع منه اﻷوراق ، لقد وجده.
 قفز (ﻻمي) على اﻷرضية الشمعية لكن قفزته لم تصدر صوتا يذكر وتحرك نحو وجهته ولكن لم يجد شيئا لقد أتموا البناء و أزالوا المخلفات لكن ﻻمي الصغير لم يقبل تلك النتيجة فأخذ يهيم باحثا عن أية علامة ترشده لمخزون اﻷوراق.,
 بدا أنهم أغلقوا نافذة اﻷمل الوحيدة التي عرفها ﻻمي و أصبحت اﻷقبية على مرمى بصر (ﻻمي) نظيفة لامتناهية كاليأس الذي تملكه ولكن وميض نور لمع من مكان بعيد اتجه ﻻمي نحوه.
اتجه (ﻻمي) نحو الضوء إنه بعيد عليه الحذر من أن يراه أحدهم، ربما من اﻷفضل أن يزحف على طول خط اﻷنابيب لكنها تنتهي، إنه يرى نهايتها لكن لهذا دﻻلة جيدة إنه يقترب من منطقة إنشاء ربما يجد بعض المخلفات وبينها بعض الورقات، الاضاءة تزداد توهجا، سيسهل كشفه ، إنها أقوى إضاءة رآها إلى اﻵن في اﻷقبية، أمر غريب ليس ثمة مصابيح ، ما هذا الشعور وخز خفيف يداعب أذنيه،هل هو الهواء؟يحرك الهواء شعيرات زغبية على وجهه لم يعرف انه يملكها إﻻ اﻵن.
لقد سلبه أول لقاء له مع النسيم حذره ، يقف على قائمتيه ويتحرك نحو الضوء القادم من فتحات في اﻷقبية التي لم يكمل إنشائها ، ﻷول مرة يرى سماء غير سقف اﻷقبية ، رغم ذلك الجدران تحيط به تسد اﻷفق ليس ثمة بوابة إلى الخارج.
  يقطع انبهار ﻻمي بالمشهد الجديد شعور غريب جديد ، إذ تتعثر قدمه بأرض صلبه غير ممهدة ،أرض ﻻ عهد لسكان اﻷقبية بها ،إنه يشعر بألم يعقبه شعور بلذة  ـ ﻻ ليس (لامي) مازوخيا إنه الدوبامين الذي ﻻ يطلق كثيرا في اﻷقبية ـ اﻷرض متكسرة لو عرف ﻻمي اﻷسفلت لبدا المشهد أمامه كأسفلت محطم يؤدي لنفق صغير يشبه الجحر غير انه يسع فرد كبير من سكان اﻷقبية من اﻷفراد اﻷكبر حجما، يزحف (ﻻمي) داخل النفق حيث الظلام يلتهم الضوء و يلتهم معه الجرأة الطارئة التي أصابت (ﻻمي) لكنه يبتلع خوفه مع بعض تراب النفق ويكمل الزحف نحو النسيم ها هو الضوء يتسلل إلى النفق لقد عرج ﻻمي إلى المشهد الذي تطلع إليه دون أن يراه، لقد اقتنص ما ظنه محاﻻ ،المشهد مشهد بلدة مهجورة يعاد تعميرها ولكن لا أثر لآليات التعمير، أراض ممسوحة و أخرى محفورة بلا أثر ﻷي حركة سوى حركة الهواء،على الرغم من ذلك كان المشهد خلابا إلى ان أحس (ﻻمي) بألم في صدره:ﻻبد أنه الهواء ،يجب أن أعود بسرعة .قالها (لامي) الصغير محدثا نفسه.

**********
***********
حاشية  على القصة: *لامي اسم مأخوذ من الهواء الطلق وستتبين دلالة الاسم مع تقدم الفصول.
*كنان اسم يعنى الحافظ اﻷمين.
*للآشعة الكونية مخاطر يقينا منها الغلاف الجوي للأرض و المجال الكهرومغناطيسي لها .
* بيتا وألفا جسيمات مادية وليست آشعة وقد يتعرض الجسم لخطر إن تعرض لها. 
*أبيقورية : مذهب يعني باللذة سمي بذلك نسبة إلى أبيقور الفيلسوف الذي رأى أن الهدف اﻷخلاقي اﻷسمى للإنسان هو اللذة ، واللذة عنده تتمثل فى اﻻستقرار التام والراحة الكاملة دون توتر فتعتمد اللذة على نبذ الرغبة واﻻستغناء عنها ، سيتضح في الحلقات التالية أن اللذة اﻷبيقورية هي المفهوم اﻷساسي في اﻷقبية .
*الدعاية مقتبسة من فكرتين:1-متلازمة القرد اللامنتهية :تعبير عن فكرة تدحض العلة الغائية أي وجود قصد لخلق العالم و قد أشار إليها التطوريين مثل هكسلي و ريتشارد دوكينز و الفكرة تقول إنه لو ظل قرد يطبع لوقت لامتناهي لابد أن يصل لنتاج رائع بالصدفة ككتابات "شيكسبير" ، في اشارة إلى تعقيد الكون و يرد عليهم بأن الكون له بداية وليس منذ اﻷزل.
2-بحث المائة قرد و هو بحث في علم نفس الحيوان نال شهرة كبيرة عن انتقال بعض العادات وراثة و قد شكك الكثير من العلماء في حجيته.
و كلا الفكرتين متعلقتين بفكرة التحكم فحرص البعض على إضعاف إيمان اﻵخرين لبث اليأس في نفوسهم و من ثم التحكم بهم ، كما يتحكم بالمائة قرد عن طريق توريث العادات في أجيالهم .

الثلاثاء، 21 فبراير 2017

اتصال من خلف القبة

بدأ خزام و من معه من سكان اﻷقبية بصناعة أحواض و خزانات تحوي سائل شديد الحموضة يمكنهم الحصول عليه "فلوريد الهيدروجين " السائل محمل بشحنات كهرومغناطيسية ، كان العمل على قدم و ساق و قد أنهوا قسما كبيرا من أرضية المنطقة 0 ، و قاموا بتغطيتها بالخرسانة المعالجة بيولوجيا ، تلقى خزام أول اتصال له من الخارج بعدما مدوا بعض اﻷسلاك كهوائيات من تحت السطح إلى خارج القبة الكهرومغناطيسية ، كان الاتصال من كاظم الذى كان غاضبا بسبب ضعف التواصل مع سرية خزام ، لكن خزام لم يجبه عن استفساراته بل سأله قائلا :هل كتائب الركام تعمل لدى الغرباء ؟
كاظم : ما الذى ترمي إليه ؟
خزام : هل تتعاون كتائب الركام مع الغرباء بأي شكل ؟ ما حجم تواصلكم معهم ؟
كاظم : لقد دخلنا في حرب معهم للتو ما خطبك ؟
خزام : كيف كنتم تتواصلون معهم قبل ذلك ؟
كاظم : هل لديك ما تقوله ؟ من اﻷفضل أن تفصح عنه أو تجيبني ، لم لم تتصل بنا من قبل ؟
خزام : لقد تعرضنا لهجوم من إحدى كتائب الركام مصحوبة بوحدة من الغرباء-الحراس .
كاظم : هذا ما كنت أخشاه ، و ما الذى توقعته ؟ أن يهاجم الجميع الغرباء من أجلك .
خزام : توقعت ألا يهاجمونني مع الغرباء-الحراس ، ألم تحقر الكتائب سكان اﻷقبية لحياتهم في كنف الغرباء ؟ ألم يحقرونهم لأنهم عبيد للغرباء ؟ ماذا يسمون أنفسهم اﻵن ؟
كاظم : كيف حال سريتك ؟ هل هربتم ؟
خزام : مازلنا فى المنطقة 0 ؟ إنها مؤمنة جيداً اﻵن ، أرجو أن تخبروا بقية الحمقى من قادة الكتائب ألا يحاولوا مهاجمتنا و إلا سيلقون مصير سابقيهم .
كاظم : لكن كيف استطعتم هزيمتهم ؟ و كيف أمنتم منطقتكم ؟
خزام : و ما الذى توقعته أن أسلم رقاب سريتي لهم و أدعي أني بذلك حكيم و لست ساذج ، على أية حال لقد أوقفناهم و اﻵن دوركم لتوقفوا خنوعكم .
كاظم : أيها السليط اﻷحمق ، لولا رغبتي في معرفة كيف واجهت الغرباء و كيف أمنت منطقتك لما احتملت تعجرفك .
خزام : لا تكن ساذجا اﻵن أيها العجوز الحكيم ، لن أعيدكم إلى مواقع القيادة بعدما تبين أنكم كنتم تخضعون للغرباء كل ذلك الوقت ، اجمعوا كل من تبقى لديه حكمة من أفراد الكتائب و عاودوا الاتصال بي ، أخبرهم أنني الاختيار الأفضل اﻵن.
أنهى خزام الاتصال و ترك كاظم مصدوما كانت ديم تستمع للاتصال و بدت غاضبة ، لم يعرف كاظم إن كانت غاضبة منه أم من خزام ، لقد كان مؤمناً أن خزام على حق ، عليه أن يجتمع بمن يثق بهم و يقنعهم باتباع خزام .

الأحد، 19 فبراير 2017

سرية خزام

كان الحراس هذه المرة في بذات أمنع من البذات السابقة ، كانت عصية على الدمار حتى تمنى خزام لو أن الغرباء-الحراس في إحدى البذات ، على اﻷقل حين تدمر البذلة بعد كل ذاك الجهد سيشعرون بالرضا من التخلص من أحد الغرباء ، استطاع زافن الذى تميز بالسرعة و خفة الحركة إجبار حلف الحراس و جنود الركام على التراجع و من ثم نصب القبة الكهرومغناطيسية التي كانت ناجحة ، لم يستطع أحد إختراقها ، فقد كان مجالها مدمرا للأعضاء و القذائف و توقفت بذات الحراس التي حاولت العبور نحو المنطقة 0 ، كانت القبة فعالة فقد سمحت بخروج قذائف البلازما نحو المهاجمين و لم تسمح بدخول شيء ، كان الحل الأمثل الغرباء-الحراس هو حفر نفق و هو ما شرعوا فيه ، استمر الحفر لساعات و مع وصول أول اﻷفواج المهاجمة تصدى لهم الجميع حتى سكان مدينة اﻷقبية لكن لم تكلل جهودهم بنجاح يذكر ، فتراجع خزام مع سريته و خلفه سكان اﻷقبية ، إلا أن أيهم العنيد تقدم مستخدماً كافة أنواع اﻷسلحة التي أعدوها و بينما يطبق عليه الحراس صرخ في خزام : لما لا توقفهم كما تعطلوا عند القبة كان إعداد سلاح دفع كهرومغناطيسي أمر مستحيل في دقائق معدودة لولا السائل اللاودي فهو موصل ممتاز ، أرسل خزام زافن ليحضر بعض السائل بينما يحاول ثلاثتهم تأخير الحراس الذى بدا أنهم لن يتدمروا قبل استنزاف ذخيرة سرية خزام ، إلا أن بعض سكان اﻷقبية نزعوا أسلحة البذات المعطلة و أخذوا في مهاجمة الحراس بأسلحتهم ، كان تجريعهم من نفس الكأس ناجعا ، تراجع الحراس في حين أحضر زافن ما يكفي من السائل اللاودي ،  نجح اقتراح أيهم و استطاعوا تعطيل كل البذات اﻵلية التي حاولت اﻻختراق فتراجع الحراس و انسحبوا من حصار المنطقة 0.
أصبح خزام اﻵن أمام سؤالين ، كيف نؤمن اﻷرضيات حتى لا يخترقونها باﻷنفاق و ما سر تحالف كتائب الركام مع الغرباء-الحراس .

السبت، 18 فبراير 2017

بداية المواجهة من المنطقة 0

ظل الحلم الذي يراود كنان مسيطرا على تفكيره ، لقد كان واثقاً أن الحلم رسالة من لامي ، ظل يبحث عن بعض المخطوطات التي كان يحتفظ بها لامي ، في تلك الأثناء اجتمع خزام بالكتيبة ، على الرغم من أن أوس ظل يتوسط المجلس إلا أن خزام كان محط الاهتمام ، انتظر منه الكل قيادة الخطوة القادمة ، لقد أحكموا سيطرتهم على سكان الأقبية ،  وعطلوا أية إجراءات دفاعية قد تقوم بها الخلية الإلكترونية ، لكن الغرباء-الحراس لن يتركوهم طويلا ، لابد أنهم يعدون لاسترداد المنطقة 0 ، أو ربما محوها تماماً ، وقف خزام الذي دارت كل تلك اﻷفكار في رأسه ، لقد خانته الكلمات الآن ، في حين  انتظر طويلاً هذا المقام لكنه يشعر برغبة في الهروب و الانزواء بعيداً ، إذ إنه لا يملك حلولاً و لا كلمات حماسية ، لا يستطيع حتى إقناعهم بالتضحية بأنفسهم و عدم الاستسلام _ رغم أنه طالما قال إن الموت أمام الغرباء-الحراس خير من الاستسلام للوضع الحالي _ كيف اختفت حماسته و تلاشت قناعاته حين شعر بالمسئولية ؟ لاحظت ديم توتره فبادرته قائلةً : ما الخطوة التالية ؟ أعتقد أنه لابد من أعداد أنفسنا ، لما لا نشرع في تصنيع الأسلحة التي كنت تصممها ؟
رد خزام : أعتقد أننا لابد أن نشرك سكان اﻷقبية معنا ففي النهاية صار مصيرنا واحد ، كما أنهم أطوع في العمل من أي منا ، لقد أصبحنا قادرين علي إرسال كافة رسائلنا عبر أجهزة التحكم بالموجات العصبية ،  و أعمل اﻵن على إيصالها إلى سكان اﻷقبية بالمناطق اﻷخرى ، قد تسير بعض القلق لدى الغرباء-الحراس مما قد يوخرهم ، أرى أن تبقى هنا مجموعة صغيرة من أفراد الكتيبة بينما يتوجه الباقون بعيدا تحسباً لوقوع ضربة تقضي على المنطقة بأكملها سأحافظ على تواصلي معكم و سيكون عليكم الاتصال ببقية الكتائب ففي النهاية الوسيلة الوحيدة للصمود أمام الغرباء-الحراس هي بمهاجمتهم في كل الجبهات ، إذن من سيبقى معي .
حاولت ديم البقاء لكن أبوها و خزام رفضا في نفس واحد و بقى مع خزام  "أيهم" و "أحنف" و "زافن" شرع خزام في تصنيع قاذفات بلازما و مدافع صوت و قذائف مركبة التأثير تجمع بين الاختراق و تغيير الضغط أو الحرارة لكن أهم أسلحته كان مولد المجال المغناطيسي لقد هدموا البناء المتصل ببقية المناطق و عزلوا المنطقة 0 ثم بدأ خزام بتوليد المجال على حدودها ليحميها من القذائف الإشعاعية و ربما من القذائف بوجه عام بدأ سكان اﻷقبية في نشر القبة الكهرومغناطيسية تحت قيادة خزام  لكن عطلهم هجوما غير متوقع إنهم أحدى كتائب الركام .
ارتبك خزام ، لما يهاجموننا هل يظنون أننا من الغرباء-الحراس ؟ هل وصل إليهم أوس بتلك السرعة ؟ و لما لم يوضح لهم موقفنا حاول خزام التواصل معهم دون فائدة فأمر" أيهم " بإشعال فتائل القذائف الصوتية التي كانت ناجحة فقد فرقت صفوفهم ، غير أنه بدا من خلفهم إمدادات أخرى من جنود من نوع آخر ،  إنهم الغرباء-الحراس .

الجمعة، 10 فبراير 2017

احتلال المنطقة 0 (الشرط الثاني )

استطاعت الكتيبة القضاء على الحراس و استولوا على مركباتهم ، اتجهت الكتيبة التي أتمت خدعة خزام (بعدما أقنعهم بها كاظم أبو ديم إذ لا سبيل آخر سوى المواجهة بعدما ضيقوا عليهم وهدموا معاقلهم و حرقوا مخازنهم ) إلى مدينة اﻷقبية ، هاجموا بواباتها ، و لم يستطع أي من الحراس -البذات المملوءة بالهواء الصمود أمام الكتيبة و خاصة بعدما ظهر خواؤهم .
واصلت الكتيبة التقدم داخل المدينة ، لم يشهد تقدمهم إحجام و لم تعرف عيونهم تلاحظ ، واصلوا التحرك حتى سيطروا على المنطقة اﻷولى (مدينة اﻷقبية بها آلاف اﻷحياء لكل منها خلية إلكترونية مركزية تتحكم بها ، حي واحد -خلية واحدة ، اﻷمر الذي يعلمه خزام جيدا فقد اهتم بمعرفة المدينة أكثر من أقرانه في الكتيبة الذين اهتموا ببغضها) .
اتجه "خزام" و "أيهم" و "كنان" و "أشعب" و "أحنف "و "زافن" أصغرهم و أسرعهم ، إلى حجرة السائل اللاودي ، لقد زادت إجراءات اﻷمان داخلها فأطلقت غازات سامة أحكم اﻷفراد إغلاق خوذاتهم ، لكن الغرفة استمرت في نشر الغاز ، كان الهدف تفريغها من أى غاز يشتعل و بخاصة الأكسجين ، لكن لم يكن هدف خزام تدمير الخلية بل تدجينها ، توجه خزام نحو مركز الخلية حيث تتعقد و تتجمع تغصناتها ، كان السائل مغطى باﻷنابيب التي تحميه ، لكن ليس من مهندس بارع كخزام ، وصل خزام إلى الوحدة الصلبة واستبدلها بأخرى أعاد برمجتها ، أصبحت المنطقة 0 اﻵن تحت سيطرتهم ، الآن يمكنهم استخدام الهولوجرام ، وموجات الاتصال بالدماغ للتواصل مع سكان اﻷقبية ، لقد فعلها خزام ، احتل مدينة اﻷقبية ، لكنها مازالت خلية واحدة .

كتيبة الركام

ظلت ديم تتردد على ملجأ خزام بينما يعدون الخطة ، و في أحد الأيام سمعوا مركبات محومة فوق ملجأهم داخل الكهف ، إنه هجوم من الكتيبة ، لم يكن خزام قادراً على مواجهة إحدى كتائب الركام وحده ، استعد للهروب ، فأعد مركبة له حمل عليها بعض المعدات ، و أعد مركبة لكنان الذي لم يتقن قيادتها بعد و وضع عليها بقية المعدات ، بينما ركبت ديم و سديم مركبة أخرى ، العجيب أن كنان استطاع الهرب خلف خزام لكن الكتيبة أطبقت على ديم و سديم ، و اتجهوا بهما نحو تجمع للغرباء -الحراس ليس بعيداً عن الملجأ ، كان الغرباء-الحراس أكبر و بذاتهم تبدو مختلفة عن تلك التي دمرها لامي ، بدا الغرباء-الحراس أكثر استعدادا للقتال ، أكثر تهديدا ، كانت تخرج من بذاتهم فوهات موجهة نحو مختلف الاتجاهات لذا بدأ أفراد الكتيبة بالتراجع .
قال أحد الغرباء-الحراس و هم يقربون له سديم : أين اﻵخر .
 رد جرير : سنحضره قريباً .
تراجع الغرباء-الحراس بسديم لكن قبل أن يتوجهوا بها لإحدى مركباتهم سمع صوت حوامة من بعيد ، إنه خزام الذي شرع في إطلاق مقذوفات صغيرة مدورة قطر الواحدة إنشان و سمكها مليمترات ، كانت المقذوفات تلتصق ببذل الغرباء-الحراس ، و لم يستطيعوا نزعها ، رد الغرباء-الحراس بإطلاق النار و توجيه آشعة الليزر على أفراد الكتيبة الذين أنزلوا خوذاتهم و ردوا بقذائف كالتي أطلقها خزام .
قال أحد الغرباء-الحراس ﻷفراد الكتيبة -الذين تمترسوا خلف اﻷحجار و الركام -: تلك البذات يتعذر تدميرها . و زاد عدد الغرباء-الحراس الذين يخرجون من المركبات ليطبقوا على الكتيبة حتى أن بعضهم اتجه لمركبات حوامة لمواجهة محاربي الجو مع خزام ، ضغط خزام و أفراد الكتيبة على أحد أزرار بنادقهم ففعلوا القذائف التي أطلقت ترددات غيرت الضغط داخل البذلة فانطبقت على ذاتها كصفيحة مشروب*.

******************
بعدما حكت سديم لخزام ما فعله لامي مع الغرباء-الحراس فهم أن البذات مملوءة بغاز يتم تغيير توزيعه للتحكم في حركة البذلة ؛ لذا فاستخدام ترددات تؤدي لتغير حجم الغاز ، لانكماش الغاز كفيل بصنع فرق في الضغط الجوي داخل وخارج البذلة .

الخميس، 9 فبراير 2017

الشرط اﻷول

يدخل كنان مرتديا ملابس بدو المستقبل و يخطو على قدمه الميكانيكية التي صنعها له خزام ، إنها ممتازة ،  تعمل بكفاءة قدمه العضوية ، يمر كنان بجوار خزام الذي يقرأ في كتاب ، يذكره المشهد بلامي فتذكر الحلم الذي يستمر في مراودته منذ الحادثة ، في الحلم يعطيه لامي أمانة من على منبر ، كان المشهد غريبا فلم ير كنان منبرا من قبل ،كما أن الحاضرين ليسوا من سكان اﻷقبية ، كانت الشمس تتخلل المكان و آشعتها تتسلل من العيون للقلوب ، هذا المشهد الذي من شأنه ان يجلب السكينة كان له أثرا مغايرا على كنان ، لقد كان محفزا محركا ، كلما استيقظ من حلمه كان يشعر بدافع يدفعه لإيجاد اﻷمانة التي أعطاها له لامي ، استمر كنان في السبر وسط أفكاره حتى وصل للجهاز المتصل بالوحدة التي وجدها لامي بغرفة السائل اللاودي ، شغلها و شرع في طلب المعلومات ، استخدم لامي الذي لا يعرف القراءة اﻷوامر الصوتية و طلب إلغاء المخرجات المكتوبة ، لقد استمر في التردد عليها في اﻷيام السابقة و كانت كلماته المفتاحية هي"الشعائر الدينية " ، لقد عرف الكثير لكنه لم يفهم شيئا بعد -  فالفهم هو علم النسبة إلى النفس و يصعب نسبة تلك الكلمات لنفس كنان - فاﻹيمان و اليقين لا هما مشاعر أو معارف بالنسبة لكنان ، فلم يعرف قط كيف يشعر بالإيمان أو يحس باليقين ، كما أن عقله يقصر عن الوصول لهما ، لقد تحول عقله لركام بعدما حدث مؤخراً ، الآن الشيء الوحيد الذي يعرفه هو اﻷلم و الشخص الوحيد الذي يثق به هو لامي ، أما وقد رحل لامي لم يتبق له سوى اﻷلم ، لم تدم تأملاته الساذجة طويلاً فقد دخلت ديم التي شغلت تفكيره فور دخولها ، استقبلها خزام بشوشا في حين كان القلق يملأ قسمات وجهها وجهت حديثها لخزام قائلة : لقد تحرك الغرباء ، إنهم يسمحون الركام و يبيدون اﻷطلال ، يقضون على كل ما بقايا حضارتنا .
خزام : أعتقد أن مواجهتهم أصبحت مفروضة عليكم اﻵن .
ديم : علينا ؟ أنت من تسببت بكل هذا ، لقد كان أبي على حق .
خزام : لا يمكنني مخالفتك ،أنا السبب فلولاي لما عرفتم أن الغرباء يمكن مواجهتهم ، لولاي لما اضررتم للتوقف عن العمل كقمامين نتسول حياتنا من بقايا الماضي ، ألا تعلمون أن المخازن نستهلكها منذ عقود ستفرغ ؟ ألم يأن اﻷوان لننشأ مدينتنا بدلاً من الاقتيات من بقايا حضارة أنهاها الغرباء من دهور ، على كل يمكنكم الاستمرار في التراجع ، ربما تطلبون من الغرباء غرفة في الأقبية لكن لا أظن أن سكان اﻷقبية سيرضون بجواركم بعدما ظللتم تحقروهم .
نظرت ديم إليه نظرة غضب و أمل ثم قالت : لقد ظننت أنك قد تساندنا ، لكن لابد أنني مخطأة . ثم تحركت نحو الخارج إلى أن أوقفها صوت غير الذي تنتظره ، قال كنان : انتظري لابد أن أشكرك على معالجتي ، لقد أنقذت حياتي .
قالت ديم و قد تغيرت تعابير وجهها نحو الانفراج  : لا داع لذلك ، تبدو قدمك الميكانيكية جيدة.
كنان : أود أن أساعدكم . نظر خزام إليه شزرا و قال له : وكيف ستفعل ذلك ؟
كنان : ليس لدي فكرة ، كل ما أعرفه أن لامي لا ينتظر الفرص السانحة ، و لا يعد الخطط الجيدة ، إنه يتحرك كانهيار جرف لا يتوقف إلا مدفونا في باطن الأرض ، لذا لن أنتظر بعد الآن لقد آن الأوان للتحرك.

رد خزام  -  الذي عرف لما شعر بالتهديد من كنان ، إن لامي و كنان ليسا متشابهين في بصمة العين فقط - :  أنا لدى خطة قد لا تفيدنا لكنها لن تقتلنا.

الثلاثاء، 7 فبراير 2017

الحلقة الرابعة شرح الشروط الستة

**(لعلك تتسائل لماذا نحتاج لبصمة عين لامي لفتح ملفات وحدة الذاكرة ، عليك العودة إلى حلقة "البحث عن كوة" عندما حاول لامي اﻻختباء في أحد المخازن و استخدم الجهاز المتصل بالوحدة لفك شفرة الدخول ، قام برنامج اﻷمان بالتعرف على لامي وجعل بصمة عينه مفتاح للدخول للبيانات  )
كان كنان اﻷخ اﻷصغر للامي و صديقه الوحيد ، الوحيد القادر على تمكين خزام من الدخول على بيانات الوحدة الصلبة ، فتحت الملفات أمام خزام كان يعرف الكثير من تلك المعلومات بالفعل ، لكن الملف الذي استرعى انتباهه هو خطط مقاومة الغرباء ، حاول خزام مرارا لكنه فشل كما فشل لامي -على الرغم من كونه مهندسا بارعا ، و مبرمجا جيدا ، فقط فتح ملف خاص عنوانه شروط الغرباء للتسوية ، كانت بياناته مسموعة و مرئية تتلخص في النقاط التالية :
1 . التوقف عن كافة الشعائر الدينية .
2 . استبدال اللغة المكتوبة باللغات المنطوقة أو لغات التخاطر .
3 . فصل سكان اﻷقبية عن البدو .
4 . إنشاء مدن أخرة لدمج البدو .
5 . التحفظ على كل من يختلط باﻷخر سواء كان من سكان اﻷقبية أو من البدو .
6 . يحظر على سكان اﻷقبية الخروج للهواء الطلق .
تمكن كنان من التقاط بعض المعاني و بخاصة معنى الشرط السادس ، صرخ كنان : سيقتلنا الهواء .
ردت سديم : نحن ميتون لا محالة ، لقد عشت أكثر مما ينبغي لي على كل حال ، كان ينبغي أن تحرق جثتى قبل لامي .
كنان : لماذا أخرجنا أولاً ، ما فائدة الحياة لعجوز بائسة ، او لهزيل أبتر مثلي و خاصة أن الوحيد من اﻷقبية الذي يستطيع النجاة في الخارج هو لامي ، هو الوحيد الذي يستطيع اختراع جهاز لتنفس نظير النتروجين المشع .
تدخل خزام قائلاً : نظائر النتروجين كلها مستقرة -كانت تعابير وجه خزام تظهر الاستعلاء و الاستخفاف -
ثم تابع قائلاً : أظن أنك يجب ان تقلق بشأن كاحلك الملتهب . ثم ناوله شراب و طلب منه دهن معجون قام بإعداده على جرح قدمه الذي عالجته ديم .
بينما شرع كنان في معالجة آلامه سأل خزام : ما الشعائر الدينية ؟ ، ولما منعها الغرباء ؟
خزام : أظن أنهم كرهوا أن تؤدى شعائر لغيرهم .
كنان : ماذا تعني ؟
خزام : ألا تعبدون الغرباء ؟
كنان : لا ، على حد علمي .
سديم : ما هي العبادة على أي حال ؟
خزام : ألا تؤمنون بشيء ؟ ثم تابع مصححا :ألا تثقون بشيء ثقة مطلقة ؟
كنان : و هل يوجد ما يستحق الثقة المطلقة ؟ إن أبسط معرفنا نسبية و منحازة و لا تكفي أعمارنا للتثبت من فكرة واحدة ، يمكنني أن أثق بالألم .


نصف الطريق إلى الحقيقة

انطلقت مركبة خزام في الهواء مخلفة وراءها الغبار الناتج عن تهدم الفتحة ؛ لتحط على اﻷرض مستعينة بعجلاتها المزودة بأجهزة تعليق صممها خزام ، اسرعت السيارة على الرمال حتى وصلوا ملجأ بأحد الكهوف .
أنزل خزام كنان و سديم و حقيبة لامي ، و شرع في محاولة تشغيل وحدة المعلومات ، لكن الجهاز ظل يطلب بصمة العين و الرقم السري لفتح الملفات ، حين حاول جرير فتح الملفات لم تخطر بباله فكرة أن بصمة العين قد تكون للامي ، فلم يظن أي من أفراد الكتيبة (باستثناء خزام  ) أن سكان اﻷقبية يمكنهم امتلاك أو تشغيل تلك اﻷدوات ، لكن لامي أصبح من الماضي ، نظر خزام لسديم و قال : أنت أم لامي ، صحيح ؟ هل له إخوة توائم .
سديم :تقصد يشاركونه في الحمض النووي .
خزام : نعم .
سديم : لأبنائي الخمسة نفس الحمض النووي . .(كانت تلك الطريقة التي اعتمدها البرنامج و من بعده الغرباء  لتجنب حدوث تنوع غير محبب ).
خزام : إذن سنعود للأقبية ﻹحضار أحد إخوته.
سديم : لا حاجة إلى ذلك.

الاثنين، 6 فبراير 2017

الحلقة الثانية : لأجل حسناوات المستقبل

أفاق كنان وقد عقد لسانه جمال ديم ، كان اﻷلم شديداً و اﻷحداث صادمة ، كان ما حدث كفيلا بقطع الصلة بين المدخلات التي تصل إلى الوعي و مراكز معالجة و استيعاب المعلومات بالعقل ، لكن وجه ديم الخالي من العيوب جاد بإشراق تلقته نفس كنان و انطبع على صفحتها ، حتى تعذر أن يشغل بسواها.
قطع تأملات كنان حديث خزام إلي ديم حين قال : لقد أفاق ساكن اﻷقبية ،  يمكنك العودة اﻵن.
ديم : حسن ، إذا كان يمكنك اﻻهتمام به من هنا.
كانت الغيرة أصيلة في نفس خزام لكنه لم يظن أنه قد يغار من هذا الهزيا المغطى بالقشور ، صاحب الطن المنتفخة و الذنب الذي رغم انطوائه تحت ملابسه إلا أنه أوضح معالم هويته ، أضف إلى ذلك القدم المبتور ، لا شيء في كنان يشعر خزام بالتهديد باستثناء شىء واحد فقط ، إنه يذكره بلامي نفس العرق الذي احتقره بدو المستقبل ، و كانت معارضة خزام لهم و تهريبه للامي دليل على إعجابه بلامي الذي صار مثالا للبطل عند خزام لقد جسد بيت شعر يتمثله خزام .
و عادة النصر أن يزهى بجوهره   ********  و ليس يعمل إلا في يدي بطل
لقد تخطي لامي وضعه ، فرغم ضعف جسده و وضاعة نشأته تمكن من كسر القيود و فعل ما لم يفعله أحد قبله ، لقد أفرغ إحباطا و حقدا ظلا مكبوتين لدهور ، نعم لم يكن ما فعله ذا فائدة ، لكنه كان مطهرا ، ، مريحا للروح ، شافيا للقلب ، مذهبا لغل النفس الذي قيدها بالانبطاح أمام الغرباء-الحراس .
لقد رفع لامي من شأن سكان اﻷقبية في نظر خزام حتى إنه يترقب منافسة من ذلك الوجه الباهت ، و الجسد الهزيل و الروح المتلاشية ، يغار منه على إحدى نساء الكتيبة التي لم يتجرأ لخطبتها رغم أنه يرى نفسه أحق بكرسي الكتيبة ، فقد ظهر صواب رأيه بشأن لامي ، هو من يستطيع حمل لواء الكتيبة أمام الغرباء-الحراس ، و تحقيق حلم يتلاشى حتى أصبح وهم أو سراب ، إنه يرى نفسه بمثابة جرير و أوس مجتمعين فله كفاءة أوس الهندسية و ذكاء جرير و حكمته و معرفته بتاريخ القدامى ، فقط لو أيده "أيهم" ولكن "أيهم" يكرهه ويحقره .
لا تزال رتبته منخفضة في الكتيبة مما يجعل تقدمه لأي فتاة فيها مطوقا بالرفض .
تدخل ديم قائلة : اتركهما (مشيرة لسديم وكنان) إن أبي يطلبك ، سأهتم بهما.
يمر خزام لداخل قاعة سقفها هاو تتسلل منه آشعة الشمس التي تسقط على وجوه مكفهرة ، لم يتفاجأ خزام من الغضب الظاهر على وجوههم بل كان مستعداً له ،فبادأهم قائلاً : أظنكم تعلمون كم أنتم مخطئون ؛ لذا جمعتم أنفسكم لتصدوا سهام كلماتي النافذة .
أبو ديم "كاظم" :حسنا خزام ، لطالما سايرتك إحتراما لأبويك الراحلين ، لكن مؤخرا اتضح لي أن اﻵخرين على صواب لقد أفسدك الدلال ، لكنني لن أسمح أن يأسن ماء الكتيبة بسبب قطرة واحدة .
كان الكلمات القاسية متوقعة لكن مصدرها كان مفاجئا ، لم يتوقع خزام أن تصدر من كاظم المساند اﻷكبر له في الكتيبة، حرك خزام يده ناحية حزامه فاسترعى انتباه الجميع و ارتسمت بسمة على وجه "أيهم" الذي عدها فرصة لتلقينه درسا ، كبس خزام زرا وسط حزامه و أغمض عينيه ، فخرجت آشعة أصابت الجميع بخلل عصبي يشبه الصرع ، أخذ خزام الحقيبة التي توسطت القاعة ، إنها حقيبة لامي التي تحوي وحدة الذاكرة ، اتجه نحو سديم و كنان و ديم ، نظر إليها مطولا ثم أركب سديم و كنان مركبة سيارة ، لقد علم أنهم سيتبعونه لذا فالتنقل جوا ليس الخيار اﻷمثل ، أفاق الجميع بسرعة و تبعوه ظانين أنه صيد سهل ، لكن بمجرد اتجاهه نحو اﻷنفاق القديمة فهموا خدعته .
دخل خزام اﻷنفاق بينما كان كنان ممددا بجانبه ، سيطر على تفكير كنان وجه ديم الساحر حتى شعر بالخزي من طبيعته ، لقد احتقر نفسه دائما لكنه لم يكرهها سوى اﻵن ، تمنى لو أصبح كالرجال الذين حدثه لامي عنه ، لابد أن خزام و ديم من نسلهم .
يتوقف خزام بمركبته بإحدى جوانب النفق ، ثم شرع بتعديل المركبة إذ زودها بمحرك صاروخي ، حرك خزام المركبة ناحية مخرج ضيق ومتهدم ، انتظر حتى سمع أصوات مركبات الكتيبة السيارة تقترب ، ثم انطلق كالصارروخ خارج النفق مخلفا انهيارا سد المخرج الضيق ، تذكر كلا من سديم و كنان فصرخا :الهواء الطلق. .سيقتلنا نظير النيتروجين .

الأحد، 5 فبراير 2017

السلسلة الثانية البحث عن اﻷب

الحلقة اﻷولى :في الحلم
حمل خزام كلا من سديم و كنان بعيدا عن الخلية المدمرة لقد تركوا خلفهم آخر الصاعدين إلى فوق و أول الحالمين بالتخلص من الحراس ، ظن خزام أن نهاية لامي كانت بلا جدوى لقد كان أبرز سكان اﻷقبية كان أجدر من تصدى للغرباء-الحراس على اﻹطلاق و أهدر حياته من أجل خلية واحدة.
ولكن على الطرف اﻵخر من الدراجة كان كنان الذي كان في غيبوبته يحلم بلامي لقد ظهر لامي في الحلم كأب له ، أب لقد علم سكان اﻷقبية أن اﻷبوة أمر نادر فقليل من الذكور يرغبون في التزاوج وندرة هم من يستطيعون تخصيب النساء ، أما شعور اﻷبوة فلم يختبره أحد المعاصرين حتى من أنجبوا مثل ساري فلم يعرف وليده كابن له.
ظهر لامي اﻷب في حلم كنان فوق منبر يوزع أمانات على سكان اﻷقبية و يختص كنان بأثمنها ، لقد شعر كنان بالفخر واﻻمتنان ﻷن أبيه(لامي) اختصه بتلك اﻷمانه التي لم يتبين ما هي في الحلم ، إنها وحدة مضيئة ، ثم أعاد لامي في الحلم كلمات كرهها كنان حين سمعها في الواقع لقد قال " إن الكون كبير جدا حتى على الغرباء ، لن يحتوي هذا الكون إلا أرواحنا ، حبذا لو كانت لدينا روح.
استيقظ كنان على شعور باﻷلم ليس اﻷفظع ، إنه اﻷول فلم يتعرف سكان اﻷقبية الشعور باﻷلم ، فتح عينيه ليبصر امرأة جميلة صاحبة وجه ناعم خال من القشور ، ترتدي عباءة حمراء مذركشة باﻷسود ، خاطبته بحروف بدا أنه يفهمهم بعضها قائلة : لقد عالجنا الجرح قدر اﻹمكان جسدك ضعيف جدا و لكنه تحمل الصدمة .
خزام : ليم هل أفاق ؟
ليم : نعم ، و يبدو أنه سينجو .
خزام : لا أظنه سينجو ، لكنه يمكن أن يفتح قفل الوحدة الصلبة التي كانت مع لامي .

الاثنين، 30 يناير 2017

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: النهاية خلية واحدة

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: النهاية خلية واحدة: حمل لامي على المركبة قدرا كبيرا من بطاريات النانو وبعض مقابض البلازما، انطلق لامي نحو مدينة اﻷقبية وانتطلقت داخله مشاعر الغضب بعدما علم أنه...

النهاية خلية واحدة

حمل لامي على المركبة قدرا كبيرا من بطاريات النانو وبعض مقابض البلازما، انطلق لامي نحو مدينة اﻷقبية وانتطلقت داخله مشاعر الغضب بعدما علم أنه لا مهرب من مواجهة الغرباء-الحراس ، لقد أنهى البدو حلمه بالانضمام لعشيرة حرة خارج أسوار اﻷقبية، يتردد صدى كلمات خزام في آذانه ،أي ضنك أخضعوهم إليه ، لقد وطئوا جوهرهم و جردوهم من أرواحهم ، أطعموهم حنظلا حتى استطابوه ، مسخوا أجسادهم ، و اقتادوهم من أنوفهم .
دارت خواطر اﻷلم داخل عقل لامي حتى استطاب مدارها ، لقد صار مركز فلك آلامه ، لقد قيل له مؤخرا أنه يتشوق للألم(مازوخي ) ،لكنه تيقن أنه يتحرر به من محرقة النفوس داخل اﻷقبية، لن يطلب لامي اﻷلم بعد اﻵن ،فقد أصبح هو وجه اﻷلم ،حاد-متأجج -مخترق-سريع الوصول و ذو حراشف.
لكن أولا يحتاج بعض الطعام يجمع بعض الرمال و الماء فى أوعية ويأكا بعض براعم شجرة الطلح ويتحرك نحو النفق.
وصل لامي إلى النفق ،ترك المركبة بالخارج أخذ الحقيبة جمع بعض أكبر البطاريات بمحول طاقة ،يجمعها بأنبوبة قطرها عشر بوصات و ارتفاعها قدم ،يجب أن تملأ بنظير غاز "أنون أكتيوم"الخامل(يعرف من أين يجمعه)الذي يتحمل شحنه بكمية هائلة من الطاقة قبل أن تتحرر.
يتسلل لامي داخل اﻷقبية ،يبحث عن كنان ،يجده متفاجئا به ،غاضبا للغاية، كان لمشاعر نتيجة واحدة "احتضان لامي " .
لامي: لايوجد وقت للحديث ،أين سديم؟
كنان:و لكن ..ألم يشرحك الغرباء ؟
لامي :بلى لقد شرحونا جميعا، آن اﻷوان لرد صنيعهم.
قطع حديث لامي تغير في اﻹضاءة و ظهور الغرباء،يخرج لامي مقبض بلازما و أنبوبه رفيعه ،يخرج من جيب كنان  لاصق أبو بريص يجمع اﻷنبوب بالمقبض و يفعل البلازما ليخرج وميض من الغاز الملتهب.
يوجهه نحو أحد الغرباء-الحراس  الذين يتحلقون حولهم يرمي لامي ببعض الرمال في الهواء ويسكب المياه على رأسه ورأس كنان آملا أن يحميهم هذا من الموجات الدماغية ،يقترب الحارس من البلازما ،تصدم البلازما سترته المعدنية محدثة قوسا كهربائيا دون أن تؤثر به،يلوح لامي ببارقه بيينما يضيق الخناق عليهما ،تلمس البلازما فاصل مطاطي فتطاير اﻷطراف و ترتفع الخوذة لتسقط بين قدمي كنان.
بدت البذلة فارغة كأنها معبئة بالهواء ليس ثم أية رفات متناثرة ،تراجع الغرباء-الحراس وتجمعوا بعيدا كأنهم في انتظار تعليمات.
جرى لامي و كنان في اﻹتجاه المعاكس بحثا عن سديم، عندما رأت سديم لامي ممتشقا بارقه البتار لم تتمالك نفسها وكادت تهرب لولا أن المفاجأة صعقتها، قال لامي: خذيني إلى أحد المصاعد.
لم تنفع توسلات سديم التي انصاعت له بمجرد أن رأت خوذة الحارس بيد كنان.
توجه الثلاثة نحو مخرج في نهايته باب معدني كبير يقف عنده حارسان ،لم يكن صعيا على لامي التخلص منهما،استخدم لامي مقيض البلازما لكسر القفل ، وجهتهم سديم إلى الداخل حيث تم شفطهم ﻷعلى ،وصلوا لبهو يشبه البهو الذي هرب خلاله من قبل ،طالب لاهي سديم وكنان بتفقد النوافذ ليعرف أيها تطلعلى هوة عميقة،بينما توجه إلى ما يشبه منضدة معدنية فقطع قوائمها و حمل سطحها ليصل بها مدخرة ، لابد أنه يتوقع أن تتحرك اﻷرضية كما حدث من قبل ،تصيح سديم قائلة:لقد وجدت ضالتك.
يجري الذكران نحوها بينما يجر لامي اللوح الذي شذبه بالبلازما، يدخل من أحد المنافذ مجموعة من الحراس ،تبدو ستراتهم مختلفة إنهم أكبر حجما من بقية الغرباء-الحراس ، من الصعب أن يخترق سيف البلازما تلك البذات،يوجه الحراس بنادف صاعقة نحوهم لكن لامي يتمترس باللوح ،ويطلب من سديم اﻻختباء بفتحة النافذة، تنفذ سديم ذلك رغم عدم منطقية الطلب لكن في تلك الفترة بدا أن المسلمة الوحيدة هي لامي.ما أن تضع قدمها حتى يدفعها لامي لتسقط ﻷسفل الهوة ،ينظر له كنان نظرات حائرة، يقول له لامي عليك أن تتبعها ،إن لم تثق بي ثق بهذا(مشير لبارقه البتار ) ، ثم يوجه سنانه نحو طرف اللوح و يلمس بالطرف الساخن جسد كنان الذي يقفز من اﻷلم و يتعلق بالنافذة ، يدفعه لامي بيد بينما يمسك بيده اﻷخرى ترسه اللوحي ليلحق كنان بسديم.
عليه مواجهة الحراس ليصل إلى غرفة السائل اللاودي، أخرج مدخرة من حقيبة ظهرة ،فعلها و ألقاها نحو أحد الحراس الذي التقطها ، نزع لامي لصق أبو بريص و زاد من حدة البلازما ،ألقى المقبض نحو البطارية و لكنها سقطت بعيدا عنها (إن الحوادث تثبت أنه لا يجيد التصويب ) ،يرفع أحد الحراس مقبض البلازما يحاول إغلاق البلازما لكن يرفع من حدتها حتى تلمس البطارية في يد الحارس للتتناثر القطع المعدنية و يطير لامي مصطدم بالجدار و سقط يكاد أن يفقد الوعي ،دفع نفسه نحو النافذة وتبع كنان و سديم إلى غرفة السائل اللاودي .
تبخرت الرغوة التي تلقته ،أخرج الجهاز المعبأ بغاز "أنون أكتيوم"الخامل فعل المدخرات وأسرع نحو أكبر تجمع لتغصنات السائل ثم ألقاه وسطها قبل أن تغلف الأنابيب السائل ،أخرج لامي من الحقيبة مقبض بلازما وفعله و ألصقه باﻷنابيب ليحرص على أن تظل اﻷنابيب حول الجهاز و السائل.
يسرع السكان الثلاثة نحو مستودع المخلفات يستخدم لامي السائل اللزج لفتح كوة كما فعل حين هرب من هنا آخر مرة تفتح النافذة ويدفع سديم إلي الخارج ، لكن يبدو أن النافذة البديلة تغلق أسرع وبقوة أكبر من المرة السابقة ، أعد لامي وحدة جديدة لفتح النافذة مرة أخري لكن يبدو أنها لا تتأثر تبدو أمها أمتن وأصلب ، يجرب نافذة أخرى ، إنها التي فتحها حين سقط هنا وحده،إنها التي تقع بالوسط ، لا فائدة أيضا (لابد أن النافذة البديلة تكون أصلب ويتعذر تدميرها ) لم تتبقى سوى نافذة أخيرة لم تتعرض لمحاولات لامي ،هذه الفرصة اﻷخيرة ، يجب أن يسرع كنان و لامى بالخروج قبل أن تنزل النافذة البديلة ،تنجح المحاولة و تخرق النافذة يدفع لامي كنان بقوة ينزلق للخارج في حين قدمه اليسرى مازالت عالقة بالداخل تنزل النافذة البديلة بسرعة كبيرة و حدة لتبتر قدمه ويغشى عليه ،تصرخ سديم و تطرق بقوة على النافذة ، يحاول لامى تحطيم النافذة بكل الحيل دون جوى، اﻷلم يعتصر قلب سديم ،لم تظن أن هناك شىء يمكن أن يطعنها من داخلها ، يخترق اﻷفق متحركا نحوهم مركبة تحوم ثم تنزل بجانب كنان المبتور ،إنه خزام لقد تبع أثر لامي بعد أن ساعده على الهرب من أوس و جماعته ،تبعه حتى وجد المركبة و لكن لم يلاحظ النفق الموصل للأقبية.
تحكي له سديم ما حدث ، يحاول إخراج لامي بينما يقول: لامي أيها اﻷحمق إنها خلية ذكية واحدة من آلاف خلايا مدينة اﻷقبية .
يرى خزام وميض فيحمل كنان وسديم بعيدا.
بينما يتمدد الوميض مبتلعا هذا الجانب من مدينة اﻷقبية وفي وسطه لامي، لقد صدقت نبوءة لامي ، فقد وجد حريته في محبسه ، و كان هلاكه على يديه.

الأحد، 29 يناير 2017

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة اﻷخيرة جزء3 لقاء مع بدو المستقبل

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة اﻷخيرة جزء3 لقاء مع بدو المستقبل: في مشهد ديجافووي(مكرر )يفيق لامي مقيدا ،لكن إلى سرير غير مريح ،بقول أحدهم: إذن عزيزي "أيهم" هذا هو شكل كائنات اﻷقبية. أيهم الذي ...

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: قصة بدو المستقبل

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: قصة بدو المستقبل: في مشهد ديجافووي(مكرر )يفيق لامي مقيدا ،لكن إلى سرير غير مريح ،بقول أحدهم: إذن عزيزي "أيهم" هذا هو شكل كائنات اﻷقبية. أيهم الذي ...

السبت، 28 يناير 2017

الحلقة اﻷخيرة جزء3 لقاء مع بدو المستقبل

في مشهد ديجافووي(مكرر )يفيق لامي مقيدا ،لكن إلى سرير غير مريح ،بقول أحدهم: إذن عزيزي "أيهم" هذا هو شكل كائنات اﻷقبية.
أيهم الذي يفرز بعض بطاريات النانو و يضع بعضها داخل ما يشبه المقابض يرد:نعم كائنات مقززة ،أمعن النظر إليها خزام لعلك توقف ترهاتك عن كونهم يستحقون اﻹنقاذ ،لقد ركنوا إلي الغرباء وعبدوهم.
خزام:إنه هارب منهم،لعله يستحق اﻹشادة ،فبعد تسميمهم لدماغه ،وتغيرهم لخلقته ،استطاع الهرب.
يتكلم شخص آخر بينما يحاول تهيئة الوحدة الصلبة التي كانت مع لامي ليدخلها أحد اﻹجهزة،يقول: و لما يهرب ويترك حياة الدعة والرغد ،إنهم لا يتكلفون مشقة ولا يشعرون بألم ،ربما طردوه .قال ذلك بعدما نجح في تنشيط الوحدة لكن لم يستطيع فتح ملفاتها لوجود رقم تعريفي وبصمة عين ،يقول بعدم اهتمام:لا فائدة منها.
ثم يدخل أحدهم ويقول احملوه إلى أوس ،يحمل لامي إلى أوس الذى يتوسط الحجرة على مكتب معدني فوق منضدته قفازان معدنيان كبيران يخرج من برامجهما فوهات صغيرة ،يبدو أنه يصلح أحدهما ثم يرتديه فتدخل الفوهات ويتحرك المعدن في القفاز حركة آلية لتتغير بميته ويصبح أصغر و يخرج من معصمه مدفع صغير،يوضع لامي أمام أوس الذي ينظر للآخرين في حين يوجه كلامه للامي:لا أعلم إن كنت ستفهم كلماتي ،لقد خبرت أمثالك من قبل ،تتكلمون بلسان قريب من لساننا .
ثم يمسك الحقيبة التي كانت مع لامي ويتابع:أراك تجمع أدواتنا،ما حاجتك بها ،ألا يكفيك الغرباء حاجتك، ألم تركنوا إليهم لتنعموا بالراحة وخلفتم الدمار وراءكم،لم تسرقون من مخازننا؟
تتابعت كلمات أوس دون أن يجرؤ أحد على مقاطعتها ، لم يكن أوس ينظر إلى لامي لم يهتم أحد به كانت كلمات لامي خطبة وليست أسئلة،لكن لامي الذي واجه مخاوف كثيرة الى اﻵن قادرا على وقف سيل كلمات أوس،فقاطعه قائلا :لست تابعا للغرباء ،لقد واجهتهم وهربت منهم،لم آتي لسرقتكم بل للانضمام إليكم ،لدي بعض المهارات التي قد تفيدكم ، وعلومات قد تنفعكم.
كان رد لامي مدهشا للجميع لم يكن لفحوى كلماته أثر كبير بل مجرد خروجها منه كان صادما،نظروا مشدوهين كأن الكلمات خرجت من حجر.
تكلم خزام:لقد واجه ذلك الكائن الضعيف الغرباء دون خوف، إنه يؤمن أنه يستطيع قهرهم.
يقاطعه "أيهم": بربك خزام تتكلم عنه كأنه من أهلنا.
قرأ لامى كلمات كأهل و رب من قبل و لكن لسماعه إياها وقعا آخر ،بدا أنه رأى ما قرأه في الكتب و واقعه و لمسه.
وبينما يفكر في تلك الكلمات خاطبه جرير :كيف هربت من الغرباء.
حكى لامي ما حدث بينما ينظر إليه خزام بإعجاب ،ويتجاهل حديثه "أيهم" و ينظر إليه أوس شزرا،إلى أن أوقفه جرير.
جرير: هل تريدنا أن نصدق أنك قادر على تدبير كل تلك الحيل؟كيف أقنعك الغرباء بالمغامرة بنفسك؟لابد أنها موجات الدماغ ،يحسن أن تعترف بالحقيقة إذا كنت ترغب بالعودة إلى اﻷقبية .
أوس :ليس لدينا هنا عذاب حقيقي فحسب بل لدينا مستويات من العذاب.
تدخل إمرأة لم يستطع لامي أن يراها من مكانه ،تقول:أعفو عن الكائن المسكين أوس.
أوس:يجب أن نسلمه لحراس اﻷقبية ، و زجفت تلك الكائنات على مخزوننا و بددته .
خزام غاضبا :هل نعمل لدى الغرباء ؟أنسلم لهم من يعارضهم بدلا من إنقاذه؟
جرير مصعرا وجهه:لن يسئ الغرباء لجاسوسهم، وحتى إن كان هاربا فلن يلحقوا به أذى .
خزام: وهل هناك أذى أكبر مما هم فيه؟لقد قطعوا أنسالهم ،و شوهوا خلقتهم ،و حرموا عليهم ضوء الشمس و نسيم الوادي .
أوس بحزم:جرير و "أيهم" احملوا الكائن لبوابة اﻷقبية .
يتحرك اﻻثنان ليضعوا لامي على مركبة بأربعة محركات صغار بحجم كرة القدم ،تركب المركبة كالدراجة و لا تحمل أكثر من ثلاثة أفراد خلف بعضهم ،يوقفهم خزام ويناولهم أدوات لتفكيك وجمع الدراجة كي يطيلوا متنها ويزيدوا من عرضه لتحمل لامي المقيد معهم، تسقط من خزام لطارية نانو ،يمد لامي يده نحوها يسحبها ثم يحك يده القشرية بسريره المعدني ،يبصق على طرف البطارية ويضعها مكان اﻻحتكاك ثم يلقي بها ناحية محركات المركبة محملة بشرارة تكبر حتى تسقط على كابل التوجيه و التغذية فيندفع المحرك حاملا المركبة ،للأمام التي تجر معها جرير و "أيهم" يجري خلفهم خزام ، يعتدل لامي ليجد مقبضا كان "أيهم"يوصل به بطارية نانو ليصدر بلازما ضعيفة ،يقطع لامي قيودة المعدنية بحذر ثم يركب إحدى مركباتهم الطائرة ،يهرب مرة أخرى، حقا(ديجافو ) ،لكنه لن يهيم هذه المرة فوجهته مدينة اﻷقبية لابد أنها قدره ،" لن يتحرر لامي إلا بالعودة لسجانه".

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة اﻷخيرة جزء2 بجانب شجرة الطلح

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة اﻷخيرة جزء2 بجانب شجرة الطلح: بينما يتابع لامي اكتشاف الماضي يسمع صوت بالخارج،إنهم الغرباء-الحراس ،يجب أن يهرب، يجري بخطوات رشيقة يجد سلم ،ينزل نحو اﻷسفل إنه مرأب واسع ،...

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة اﻷخيرة جزء1 محو اﻷنماط

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة اﻷخيرة جزء1 محو اﻷنماط: كانت أنباء الغزو تملأ اﻷجواء كما ملأ الغزاة الجو بنظير لغاز النتروجين الذي لم يعلم بعد تأثيره على الكائنات الحية و إذا كان ممكن تنفسه دون ت...

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة قبل اﻷخيرة الجزء2 حكومة فرانكنشتاين

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة قبل اﻷخيرة الجزء2 حكومة فرانكنشتاين: وضع لامي الجهاز على مقعد ليخرج منه صورة هولوجرافية بها عدة رموز رقمية ،و طلاسم ، يحدث لامي نفسه :لا فائدة منه. تخرج صورة فرعية مكتوبة باﻹن...

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة اﻷخيرة جزء2 بجانب شجرة الطلح

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة اﻷخيرة جزء2 بجانب شجرة الطلح: بينما يتابع لامي اكتشاف الماضي يسمع صوت بالخارج،إنهم الغرباء-الحراس ،يجب أن يهرب، يجري بخطوات رشيقة يجد سلم ،ينزل نحو اﻷسفل إنه مرأب واسع ،...

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: بحثا عن سماء جديدة الحلقة الثامنة

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: بحثا عن سماء جديدة الحلقة الثامنة: ظل الشعور باللذة الذي صادفه ﻻمي بالخارج ملازما له ،ﻻبد أن يعود هناك مرة أخرى ، رجع ﻻمي ﻻوراق الكيمياء ﻻبد أن نظير النتروجين غير مشع وإﻻ تحل...

الحلقة اﻷخيرة جزء2 بجانب شجرة الطلح

بينما يتابع لامي اكتشاف الماضي يسمع صوت بالخارج،إنهم الغرباء-الحراس ،يجب أن يهرب، يجري بخطوات رشيقة يجد سلم ،ينزل نحو اﻷسفل إنه مرأب واسع ،لا مكان للاختباء ،ثمة غرف في الناحية اﻷخرى تحت لافتة مكتوب عليها مخازن، يجري نحوها لكنها مغلقة ، وثمة شاشة تبدو كقفل الكتروني ،فى حركة رعناء يمسك قيب من اﻷرض ويحطمها ..تخرج بعض السلوك ،أحدها موصل بناقل بيانات،يوصله لامي بالجهاز الذي معه،الجهاز مازال موصلا بالوحدة الصلبة التي أخذها من غرفة السائل الاودي ، تظهر نافذة تطالبه برقم التعريف وبصمة العين بينما تظهر نافذة أخرى مكتوب عليها مسح الأرشيف ، لابد أن الوحدة الصلبة بها أرشيف للأشخاص الذين كانوا هنا.
يفتح الباب يتحرك لامي للداخل ولكنه يعود سريعا ويحطم بعض اﻷقفال اﻹلكترونية اﻷخرى ،يضغط على عدة أزرار ليغلق الباب ،تنجح محاولاته أخيرا.ينتظر طويلا ،من الواضح أن الغرباء-الحراس لم يدخلوا المبنى يتجول في المخزن ليجد رف مكتوب عليه مدخرات نانونية لابد أنه مهووس بالمدخرات يجمع الكثير منها في حقيبة باﻹضافة إلى بعض العلب مكتوب عليها لاصق خارق وبعض المسامير،ويخرج باحثا عن غذاء لن يكون ذلك مستحيلا فقد وجد ماء و طعام من قبل خارج اﻷقبية ، كان ينقي الماء باﻵشعة و الكربون (الكربون متوفر في حمامات اﻷقبية و مصابيح اﻷقبية يمكن تعديلها لتعطي أطوال موجية مختلفة) أما الطعام فثمة نبات له زهرة صفراء كان يمتص رحيقها (نبات السمو ) وشجرة كان يأكل براعمها(الطلح ) ،
وجد لامي بعد مسيرة طويلة شجرة الطلح ،لكن أجفله ما رآه بجوارها شبح لشخص يمكن وصفه هكذا:
"رأسه مغطى بنسيج أحمر كثيف ،يمتد خارج من النسيج نسيج أبيض رقيق يغطي وجهه ، بينما تطوق جبهته مادة سوداء سمكية كالمطاط يبرز منها شاشتان صغيرتان ،يستخدم اﻷولى كماسح هولوجرامي موجه نحو الشجرة، أما الثوب الرمادي فأكمامه مثلثة، مسدل حتى الركبتين ،فاتح اللون ،مربوط الى الخصر بحزام سميك معلق به أدوات مختلفة ،فى وسط الحزام قطعة معدنية معقدة التركيب .
تحت الثوب بنطال من قسمين :اﻷسفل من الركبة إلى الكاحل باللون اﻷسود ومن مادة جلدية سميك ،والنصف اﻷعلى من البنطال أكثر اتساعا بلون رمادي متصل بالحزام ،فوق تلك الملابس عباءة بلون أحمر باهت من نسيج متماسك تبدو كأنها تجمع أجزاء الثوب الغريبة سويا .
يحرك الشبح رأسه ناحية لامى-لا ليس مرة أخرى-يمد يده نحو الحزام و يصوب نحو لامي فيخر صريعا.


الجمعة، 27 يناير 2017

الحلقة اﻷخيرة جزء1 محو اﻷنماط

كانت أنباء الغزو تملأ اﻷجواء كما ملأ الغزاة الجو بنظير لغاز النتروجين الذي لم يعلم بعد تأثيره على الكائنات الحية و إذا كان ممكن تنفسه دون تأثيرات قاتله،كان الحل في بناء اﻷقبية  كملاجئ ،وفر البرنامج مقومات الحياة،لم يعكر السلام داخل اﻷقبية سوى البطالة والحبس .
وضع البرنامج خطة للاستقرار ،لقد أبدع الذكاء الاصطناعي حقا تلك المرة،ثبط المحفزات وخفف الدواغ عن طريق تعديل كيمياء الجسد ،اصبح الغذاء و الهواء معبئا بعقاقير التثبيط ،إضافة إلى البرمجة العقلية بواسطة أجهزة تحفيز الحواس.
تم تخفيف الدوافع في اﻷجيال المتتالية تدريجيا حتى لا يتقلقل الاستقرار بصدام اﻷجيال ،أشبع البرنامج الرغبات المخففة دائما ،كلما خفت الدوافع و قلت الحوافز كان عمل البرنامج أسهل و السيطرة على اﻷفراد أسهل.
صار يتم تخصيب النساء معمليا للحفاظ على النوع بعدما عزف الأغلب عن الممارسة الجنسية ،تم تعديل المواليد جينيا لملائمة أكبر للحياة داخل اﻷقبية ،لم يفهم فكرة تزويد اﻷجنة بأذناب ما فائدتها ؟لعلها مزحة من البرنامج.
بعدما أصبحت السيطرة على سكان اﻷقبية قليلي الدوافع،اعتمد البرنامج سياسة عزل اﻷفراد الذين يظهرون تميز من حيث الحافزية أو الاستجابة لآليات البرنامج ،كان يتم تصعيدهم فوق، كان المبرر انتخاب اﻷفراد المميزين لإيجاد حلول وتنسئة جيل جيد يواجه اﻷزمة.
قل عدد الصاعدين فوق وزادت وظيفة البرنامج سهولة ،لكن لكل وضع سلبياته كان البرنامج يزداد رتابة، بدا أنه يخمل هو اﻵخر ،صار البرنامج يتبع صيغ ثابتة،و يجتر برامج أولية تشبه التي سبقت ابتكاره.
لقد ارتاح الجميع لترك مهمة مواجهة الغزو ﻷفضل أجهزة الدولة والذي أصبح اسمه برنامج مواجهة الغرباء .
يتوقف لامي عند ملفات مواجهة الغزاة يحاول فتحها لكن يخرج اشعار يفيد عدم قدرة المشغل على التعرف على لغة اﻵلة.
استطاع المشغل إظهار ملف من كلمة واحدة (محو اﻷنماط )

الحلقة قبل اﻷخيرة الجزء2 حكومة فرانكنشتاين

وضع لامي الجهاز على مقعد ليخرج منه صورة هولوجرافية بها عدة رموز رقمية ،و طلاسم ، يحدث لامي نفسه :لا فائدة منه.
تخرج صورة فرعية مكتوبة باﻹنجليزية (التي يعرف عنها لامي القليل) تحويل من لغةc++ الى لغة التجميع ،لا يفهم لامي شيء ولكنه يلمس موافق فتتمدد الصورة بحجم الغرفة وتظهر نافذة صغيرة لاختيار اللغة ،بعدما يحول المحتوى للعربية يصدم لامي كثيرا ،انها معلومات تاريخية حتى لامي لم يكن ليصدقها لو قرأها في إحدى اﻷوراق،إليكم موجزا لما ظل لامي يتصفحه ليوين متتالين.
"منذ أعوام كثيرة استخدمت الحكومة الذكاء الصناعي في برنامج للسيطرة على بيئة العمل ،بالطبع اعترض الكثيرون لكن صوت السلطة كان السائد،اثبت البرنامج نجاحه فزادت اﻻنتاجية ومعدل الاستثمار و التوظيف ، تمكن البرنامج من توفير بيئة عمل هادئة و طيعة دون جهد بشري في إدارتها ،حلم لرأس المال و إثبات لصواب الحكومية،لكن لكل شيء عيوبه فقد رافق زيادة اﻹنتاج و جودة المنتج ضعف في اﻹبداع، لم يكن شأنا كبيرا فقضاء البرنامج-الحكومة على البطالة كان اﻹبداع اﻷقصى .
دخل البرنامج المؤسسات المالية و التعليمية ، و أصبح مسيطرا على كافة مستويات اﻹدارة .
تغيرت اتجاهات التعليم فتحول الناس من تعليم أولادهم الرياضيات والبرمجة لأن التعليم أصبح خاضعا لطلب بيتة العمل وأصبح توجيه المتعلمين خاضع لاختبارات تحديد اﻻمكانات و قيلس السمات اﻷمر الذي رفضه الذكاء الصناعي في البداية لكن المبرمجين وجدوا خوارزمية تدفع برنامج إدارة التعليم لقبول رؤيتهم، صارت سوق العمل تطلب (وفقا لتحاليل البرنامج )مشغلين لا مبرمجين ورجال مبيعات لا مهندسين فالبرنامج وجد أنها وظائف تحتاج لكفاءات صناعية ،مع مرور الوقت ألغيت تخصصات اﻹدارة ومناهجها وأصبحت خاضعه لبرامج حاسوبية ذكية.
طور البرنامج نفسه من السيطرة على بيئة العمل للسيطرة على العاملين ،بع،ما رفعت الدولة شعار المواطن الفعال(العامل ).
و بذلك قتل المسخ صانعه وسميت الحكومة (حكومة فرانكنشتاين) .
ظلت البرامج تتوغل حيث أثبتت فاعليتها وكفاءتها ،استبعد اﻷفراد من مجاﻻت العمل خطوة.. خطوة ،تلك البطالة الهائلة كانت تنذر بكارثة إلى أن جاء التالي( غزو من الفضاء قادم إلى اﻷرض البشرية اﻵن أمام معركة أكبر من معركة البطالة.


لا تبخلوا بآرائكم القيمة

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة السابعة التعرية

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة السابعة التعرية: اتجه ﻻمي نحو الضوء إنه بعيد عليه الحذر من أن يرى ربما من اﻷفضل أن يزحف على طول خط اﻷنابيب لكنها تنتهي، إنه يرى نهايتها لكن لهذا دﻻلة جيدة إ...

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة الخامسة :تحقيق

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة الخامسة :تحقيق: الغريب يسأل:ﻻبد أنك تتسائل عما حدث لك اﻷمر واضح إذا كنت تفكر بوضوح وهو اﻷمر الذي أستبعده نظرا لكونك ﻻ تحصل على جرعتك من الطيب ،دعني أفسر لك...

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة الخامسة مائة قرد يطبعون ..

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الحلقة الخامسة مائة قرد يطبعون ..: بدا أن كلا الغريمين (نعم غريمان هكذا ظهر ﻻمي في مواجهة الغريب_الحارس، لطالما كان سكان اﻷقبية يظهرون أقزاما أمام الغرباء لكن ﻻمي بدا ندا حقي...

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الغرباء_حراس اﻷقبية الحلقة الرابعة

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: الغرباء_حراس اﻷقبية الحلقة الرابعة: يقترب الشبح الذي رآه ﻻمي إنه أحد الغرباء في بذته اللامعه وخوذته الكبيرة يقترب بخطوات واسعة لكن ثابته نظرات اﻻنبهار تبدو على وجه سديم لكن ...

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: وصف اﻷقبية

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: وصف اﻷقبية: الحلقة الثالثة :وصف مدينة اﻷقبية الجو مظلم والمكان ضبابي رغم وجود إضاءة صناعية قوية ، إن لزوجة الهواء تجعل الرؤية مشوشة. المكان نظيف خا...

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: فى الخارج

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: فى الخارج: الحلقة الثالثة أقبية : يدخل ﻻمي على أمه يجدها مجتمعة مع الغرباء يفكر :لما ﻻ أحدثهم عن أفكاري حول نظام اﻷقبية تلك أﻷبنية التى تحجب الشمس وت...

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: خيال علمي

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: خيال علمي: الحلقة الثانية ﻻمي يتحرك بعيدا عن موقع الغريب محدثا نفسه:هل كنان على صواب؟ أشعر بتغير في حركة امعائي وبشرتى إنها تتساقط حتى ذنبي أشعر به ي...

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: مدينة اﻷقبية

خيال علمي سلسلة قصص قصيرة وروايات خيال علمي: مدينة اﻷقبية: بداية أشكر الدكتور أحمد خالد توفيق  الذي أمتعنى بكثير من قص الخيال العلمى  وأثبت أنه فن يمكن الكتابة فيه بالعربية وليس حكرا على الغرب الذ...

الخميس، 26 يناير 2017

الحلقة قبل اﻷخيرة الجزء1 :البحث عن كوة

ابتعد ﻻمي عن اﻷبابيب التي تحيط بقنوات السائل،وبدأ يبحث عن مخرج اتجه نحو الجدار، الجدار مغطى بنتوءات مضيئة تتحرك إيابا وذهابا،يبدو الجدار وحة حية،خطرت للامي فكرة،مادام الجدار تحرك بعيدا عن اللوح الذي حاول ﻻمي استخدامه كمرساة *(ارجع للحلقة السابقة )فمن الممكن أن يفتح ﻻمي كوة في الجدار،يبحث لامي عن اللوح وما إن يجده حتى يباشر المحاولة التي تنجح و تنفتح كوة وسط الجدار السميك يترك لامي اللوح وسطه حتي يضمن أن تظل مفتوحة بعد أن ينتزع المدخرة التي لم تعد تحوي كثير من الطاقة ،يعبر لامي إلى بهو أرضيته منحدرة ينزلق لامي عليها ليصل للجهة اﻷخرى من البهو وقبل أن يصدم لامي الجدار يرتفع مفتوحا ليسقط لامي فيما يشبه مكان تتجمع فيه القمامة ،المكان به أنابيب مختلفة اﻷطوال واﻷحجام لكنها ليستكثيرة بالنسبة لمساحته ، تغطي اﻷرضية مادة لزجة سمكها عدة بوصات ،من الواضح إنها مكان تجميع المخلفان التى تنضح من غرفة السائل الاودي لذا يتسرب باستمرار سائل يتبخر أغلبه بمجرد أن يلمس جدران الغرفة الملساء ثم ينزل ليختلط بالمادة اللزجة.
اﻹضاءة جيدة لكنها غريبة كما لو أنها تختلط بضوء الشمس ،نعم هناك أسفل الجدار كوة صغيرة يتسرب نور الشمس من خلالها ، تلك هي المخرج،لكن كيف سيفتحها .
يحضر لامي أنبوب قصير ويملأه بالماددة اللزجة ،يفعل المدخرة ويضعها في الأنبوب ويحكم إلصلقه بالنافذة بواسطة لاصق أبو بريص ،يسمع صوت تشقق فيتحرك للوراء،ينفجر اﻷنبوب ويترك ثقبا في النافذة ،ثقب صعير لن يسع لامي،تتغير اﻹضاءة في المكان و تنزل نافذة أخرى من فوق النافذة المحطمة،لكنها تتوقف إلى أن تزال النافذة المحطمة،هذه فرصته للخروج يتحرك سريعا بين تزال النافذة المحطمة آليا ،لقد أصبح في الخارج .
يتسلق نزولا من على سطح المبنى ويبتعد عن مدينة اﻷقبية ،كم هى هائلة إذا غربت الشمس خلفها أظلمت السماء.
بينما يخفت ضوء النهار يبحث لامي عن مأوى، يعرف أن الجو سيكون باردا ،يتجه نحو أهل اﻷطلال ،يتسلل إلى الداخل ببطء ،يجد أشكال غريبة من اﻷسرة و المقاعد ،لم يبتعد عن مدينة اﻷقبية هكذا من قبل ،ربما يجد هنا ما قد يستخدمه فالمكان مليء بالوحدات اﻹلكترونية القديمة ،أغلبها محطم ،يتناول وحدة بها مخرج يشبه طرف الوحدة الصلبة التي أخذها من غرفة السائل الاودي لقد أوشك أن ينسى أمرها ،يحاول دمجهما معا لن لا يتناسبان، يخرج ضوء من الجهاز القديم يمسح الوحدة الصلبة ثم يعدل المخرج ليناسبها، يتعجب لامي من كفاءة الجهاز و يضعه على مقعد فيخرج الجهاز صورة هولوجرافية.

تابع2 حوار مع صديقي المؤمن

العدمي:كلاكما هيجلي إذن،المطلق هو الواقع الذي يصعب تفسيره،يا لها من طريقة ذكية لمعالجة التناقض ،فعند هيجل المطلق هو التناقض ،التضحية بالاتساق العلمي و قدسية التجربة ثمن بخس للسلام مع ما تعقدونه ،هه.
الاأدري : لقد أوضحت منذ البداية أنني من أنصار مبدأ عدم التأكد ، لكني بلا شك أقدس حجية التجربة،فقط أعطي نفسي الحق ﻷشكك في تغسير نتائجها،قد تكون محق والوجود مجرد تشوه في الفراغ والمادة إلتواء في جسد العدم ،لكنك لا تستطيع إنكار التشوه واﻹلتواء .
العدمي: ﻻ عيب في موقفك أنا فقد أعارض من يسلم بما يجهل ثم يفرضه علينا.
العاقل:هذا إذا كنت ترى أن محور اﻹيمان هو التسليم، وهذا غير صائب فمحوره هو الفهم والتسليم بالغيب حاشية عليه،حاشية لا تنفك عنه ،حاشية تجنبك خوض القضايا الفارغة وقتل العقل في عراكات غير علمية،ﻻ شطر اﻹيمان هو العلم عند كثير من أهل العلم ،هكذا قال ابن العربي (الفقيه لا تخلط بينه ةبين المتصوف)في مقدمة "العواصم من القواصم"
أتمنى أن تشاركوا في الحوار بتعليقاتكم 

سقوط حيث السائل اﻻودي

يسقط ﻻمي إلى أسفل نحو هوة عميقة ،المدخرة التي ألصق أليافهاباللوح بواسطة لصق أبو بريص التصقت بثيابه وجسده فقد فعل بعض الاصق خطأ،ﻻحظ ﻻمي هذا فأمسك ألياف المدخرة وأرجحها مع اللوح ناحية جدار الهوة الذي بدا هشا كفاية ليعلق به اللوح(يخرج من الجدار نتوءات تومض وتتحرك في مختلف الاتجاهات)،أرجح ﻻمي اللوح ووجهه نحو الجدار..لكنه أخطأه، دار اللوح بلامي ليسقط في حركة دورانية للأسفل (يشبه أحد القافزين للغطس في اﻷلعاب اﻷولمبية ولكن مع اللوح ) يشد اللوح إليه ويجعله مقابل لركبتيه و يميل بجسده للأمام فيصير اللوح تحته ،ويستعد للارتطام،تزداد مع اقترابه من القاع حركة الهواء ،تدفعه الرياح التي تنبثق من أسفل بعيدا عن اللوح، بلمسه للاصق أبو بريص يحرر نفسه من المدخرة التي مازالت ملتصقه بجسده ،يطير ﻻمي إلى الخلف ،ثم ينخفض ضغط الهواء ليسقط ﻻمي على مادة رغوية، تتحلل الرغوة من القوام اﻹسفنجي إلى بخار، ﻻبد أن تيار الهواء والرغوة إجراءات لحماية اﻷشياء الموجودة بتلك الغرفة،لعل بصره لم يخدعه حين رأى الجدار يتحرك بعيدا عن اللوح الذي ألقاه ﻻمي نحوه آملا أن يشكل مرساة.
أسفل الهوة الجو شديد البرودة ،تتحرك سوائل مضيئة بأطياف مختلفة في الهواء حركة حرة كما لو كانت محمولة على قنوات ،محاطة بأنابيب شفافة تطفو السوائل في قنوات من الهواء وتتحرك فى أفلاك منظمة،حتى إنه بعيدا عن مكان ﻻمي هناك قنوات تتحرك فى الهواء غير محاطة بأنابيب، يبحث ﻻمي عن مدخرات إنها اﻷداة الوحيدة التي يجيد استعمالها ،ﻻ يوجد شئ يتحرك باﻷسفل ،تحرك ﻻمي ناحية القنوات غير المحاطة باﻷنابيب ،لكن كلما اقترب منها تنمو أنابيب حولها،ﻻبد إنها آلية حماية،تتلاقى القنوات وتتعقد تغصناتها أكثر فأكثر، وهناك حيث يتحد أكبر عدد من القنوات يرى ﻻمي وحدات صلبة،قد يكون هذا السراب هو حبل النجاة للامي أو قل مدخرة النجاة،يسرع نحوها ،الوحدات الصلبة ﻻتشبه المدخرات، إنها أصغر و أقل سماكة و تبدو مصمته ،الجو يزداد برودة و يشعر ﻻمي بصعوبة فى التنفس لعل مستوى اﻷكسجين قليل هنا ،يحدث نفسه :ما هذا، إن اﻷنابيب تنمو لتحيط بالتعقدات ستحيط بي ينتزع إحدى الوحدات الصلبة ويجري بعيدا عن تجمع القنوات.
**************
السائل اللاودي مأخوذ من العصب اللاودي و ترجمة حرفية للعصب اللاسمبثاوي و لعل المشابهة بين السائل اللاودي و الخلايا العصبية جلية في الحلقة

الأربعاء، 25 يناير 2017

عودة إلى الحلقة السادسة (هروب)ثانيا من الجاذبية..

يفيق ﻻمي على رائحة الحريق،يسمع صوت خلفه يقول:لقد بدأت باستعادة وعيك لكن لن تستعيد السيطرة على جسدك بشكل كبير إلا بعد ساعة، حسنا ﻻمي أنت تشك، هذا طبيعي إذ ينقصك تعلم اﻹيمان بقدرات الغرباء،فأنت تترك الطيب، و ﻻ تنام على موجات محاكاة الحواس، حتى الهولوجرام ﻻ تتابعه بالتزام،لذا دعني أريك أثبت لك.
ينتزع الغريب الغريب جزء من بشرة ﻻمي قليلة القشور (لسكان اﻷقبية بشرة كثيرة القشور) ،يتألم ﻻمي بشدة، يتابع الغريب كلامه:انظر إلى جسدك كيف يتفاعل مع النار، لم تراها من قبل لكن اﻷمر يتعدي الرؤية سنجعلك تشعر بها .
يلقي الغريب القشرة في النار فيشعر ﻻمي بها وهي تحترق، إن دماغه المعرض لموجات محاكاة الحواس تكيف ليتعامل مع القشرة كأنها مازالت متصله بخلاياه العصبية.
الغريب:هل هذا ما تتساءل بشأنه (يستخدم طرفيه العلويين ليشير إلى تضمين الكلمة معنى آخر)؟اﻷلم؟أرجو أنت تكون إجابتي شافية لك.
يدير الغريب جسده كمن يشيح بصره، ولكن ﻻمي يتحرك بسرعة كبيرة فيصدم بكتفه قائمتي الغريب ، لقد استعاد السيطرة على جسده بسرعة،(خلافا لتوقعات الغريب)ينطلق ﻻمي مسرعا ،يحرك نظره فى اﻷرجاء بحثا عن أي مركبة،ﻻ يرى أحد حوله المكان فارغ و ﻻ يوجد من يتبعه ،يشعر باﻷرض ترتفع أمامه كما لو كانت تطوى كجسر متحرك يرتفع ﻷعلى ،هل يعدون له مصيدة؟تنزلق بعض اﻷلواح التى تبدو خزفية لكن صلبة كالمعدن، إنها تشبه أرضية المكان يتجه أحد اﻷلواح نحوه ويصدمه ،ينزلق إلى أسفل ، تخرج من اﻷرضية خلفه عدة اسطونات تخرج غاز و صواعق كهربية يتمسك ﻻمي باللوح الذي يدفعه نحو الشرارة ويحركه ليصطدم بمنتصف اﻹسطوانة و يضع يده خلف فتحة اﻻسطوانة التي تصدر الشرارات، يتمسك بما في داخلها فينزعه بقوة ،لقد علم أنها مدخرة فقد انتزع الكثير مثلها من قبل يضعها على اللوح و يمد اثنين من أليافها على جانبي اللوح فيحلق مرتفعا ،ﻻبد ان اﻷرضيات تنتج مجال كهرومغناطيسي يرتفع اللوح بضعة سنتيمترات ويستخدم يده كراكب أمواج يصعد نحو أعلى الموجة وقد تحولت زاوية التقاء اﻷرضية التي ترتفع بالحائط إلى منحنى يميل إلى اﻻعتدال ،يرى فتحه يحرك اللوح نحوها ويندفع من خلالها ليهوي إلى أسفل.

بحثا عن سماء جديدة الحلقة الثامنة

ظل الشعور باللذة الذي صادفه ﻻمي بالخارج ملازما له ،ﻻبد أن يعود هناك مرة أخرى ، رجع ﻻمي ﻻوراق الكيمياء ﻻبد أن نظير النتروجين غير مشع وإﻻ تحلل من الواضح  ان عدد النيترونات أكبر في النظير الذي استحدثه الغرباء كما أن له نفس خصائص النتروجين العادى لكن تأيينه قد يكون أفضل حتى ﻻ ينشئ روابط مع عناصر أخرى فى الرئة فهو نظير نشط ،من الممكن صناعة جهاز يؤين الهواء هو فقط بحاجة لقمع ،مدخرة طاقة، ﻻصق ذكي( المسمى أبو بريص بلمسه يلتصق بالسطح بقوة غراء خيالية وبلمسة يمر على السطح كالحرير) وضع في المدخرة قضيب معدني أخذه من رفش ألصقها بالقمع وأخذ بضعة مدخرات أخرى من التي توضع تحت اﻷنابيب وتسلل إلى الخارج.
استمرت رحلات ﻻمي إلى الخارج لكنه لم يجرؤ أن يتوغل بعيدا أو لم يرغب في ذلك، كان يجلس متأملا السحب والسماء والشمس والنجوم،و يسرع إلى النفق إذا اشتدت الرياح أو شعر بقطرات مطر أو ندى.

الحلقة السابعة عودة بالذاكرة

اتجه ﻻمي نحو الضوء إنه بعيد عليه الحذر من أن يرى ربما من اﻷفضل أن يزحف على طول خط اﻷنابيب لكنها تنتهي، إنه يرى نهايتها لكن لهذا دﻻلة جيدة إنه يقترب من منطقة إنشاء ربما يجد بعض المخلفات، الاضاءة تزداد توهجا،سيسهل كشفه، إنها أقوى إضاءة رآها إلى اﻵن في اﻷقبية، أمر غريب ليس ثمة مصابيح،ما هذا الشعور وخز خفيف يداعب أذنيه،هل هو الهواء؟يحرك الهواء شعيرات زغبية على وجهه لم يعرف انه يملكها إﻻ اﻵن.
لقد سلبه أول لقاء له مع النسيم حذره،يقف على قائمتيه ويتحرك نحو الضوء،القادم من فتحات في اﻷقبية التي لم يكمل إنشائها ، ﻷول مرة يرى سماء غير سقف اﻷقبية،رغم ذلك الجدران تحيط تسد اﻷفق ليس ثمة بوابه إلى الخارج، يقطع انبهار ﻻمي بالمشهد الجديد شعور غريب جديد،إذ تتعثر قدمه بأرض صلبه غير ممهدة ،أرض ﻻ عهد لسكان اﻷقبية بها ،إنه يشعر بألم يعقبه شعور بلذة(ﻻ ليس مازوخي إنه الدوبامين الذي ﻻ يطلق كثيرا في اﻷقبية) اﻷرض متكسرة لو عرف ﻻمي اﻷسفلت لبدا المشهد أمامه كأسفلت محطم يؤدي لنفق صغير يشبه الجحر غير انه يسع فرد كبير من سكان اﻷقبية من اﻷفراد اﻷكبر حجما، يزحف ﻻمي داخل النفق حيث الظلام يلتهم الضوء و يلتهم معه الجرأة الطارئة التي أصابت ﻻمي لكنه يبتلع خوفه مع بعض تراب النفق ويكمل الزحف نحو النسيم ها هو الضوء يتسلل إلى النفق لقد عرج ﻻمي إلى المشهد الذي تطلع إليه دون أن يراه، لقد اقتنص ما ظنه محاﻻ ،المشهد مشهد بلدة مهجورة يعاد تعميرها ولكن لا أثر لآليات التعمير، أراض ممسوحة و أخرى محفورة بلا أثر ﻷي حركة سوى حركة الهواء،على الرغم من ذلك كان المشهد خلابا إلى ان أحس ﻻمي بألم في صدره:ﻻبد أنه الهواء ،يجب أن أعود بسرعة.

تابع حوار مع صديقي المؤمن

المؤمن:إن اﻷدلة على وجود الخالق ظاهرة للعيان جلية للأذهان فالكون المبدع والناموس الهائل والنظام المتقن بين بما ﻻ يدع مجال للشك إن الكون من صناعة مبدع حكيم.
العدمي:ﻻ تقل لي أنك تستخدم دليل"مائة قرد لن يستطيعوا كتابة صفحة من رواية لشكيسبير و لو حالوا مائة عام"يكفيك ما كتبه ريتشارد دوكينز في كتابه صانع الساعات اﻷعمى ،لكني سأرد مختصرا إن العالم ليس بهذا اﻹحكام فبه الكثير من الفوضى  وحقيقة استقرار جنسنا بضع لمئتي ألف سنة ﻻ تدل على استقرار العالم الذي يتعدى عمر اﻷرض فيه أربعة مليارات عام ،إن قصر مدة وجودنا دليل على مقدار الفوضى في ذلك الكون الذي تدمر فيه أنظمة أكثر من اﻷنظمة التي تنشأ .
اﻻأدري :إﻻ إذا كنت ممن يرون أن عمر العالم ستة آلاف عام.
المؤمن:لست من أنصار هذا طبعا،و ﻻ أنكر التطور ،لكن ثمة إبداع في الوجود ،إن الوجود في حد ذاته إبداع،تتكلم عن اﻷدلة العقلية منكرا إياها ﻷنها تعتمد على المنطق الشكلي ،دعني أؤكد لك أن أصدق العلوم اﻻستنباطية "الرياضيات "يعتمد على المنطق الشكلى ،أنت تبالغ في الظن بأن العلم ذا سلطة على الواقع،فقط أحيلك إلى كار بوبر-أقتبس مثلك- فى شرحه لنظرية المعرفة ، لقد وضح أن العلم وإن كان نتاجا واقعيا لكن الوعي يختلف عن الواقع ،إن إدراكنا للواقع يختلف بحسب قدراتنا الحسية.
اﻻأدري : يمكنني أن أقوم بالاقتباس اﻵن ولكن من توفيق الطيب حين أكد ان العلوم الطبيعية ليست الطبيعة و لكن تفسير العلماء للطبيعة خاصة و أن هذا التفسير يتطور ويتغير باستمرار ، لقد ثار اينشتاين على فيزياء نيوتن وهندسة اقليدس على مسلمات وثوابت عدت مطلقة.
أتمنى أن تشاركوا في الحوار بتعليقاتكم 

الحلقة السادسة :هروب- أوﻻ من الواقع

يفيق ﻻمي على رائحة غربية عليه ،رائحة مهيجة للأنوف رائحة احتراق يفتح عينيه على وهج شديد لم يشهده من قبل (إذا استثنينا وهج الشمس الذي أغرم به من المرة اﻷولى التي رآه فيها ) يجب أن نذكر كيف وصل ﻻمي للهواء الطلق كيف استظل بنور الشمس كيف تعرض ﻷول مرة لفيتامين د طبيعى وليس عبر مصابيح اﻷقبية أو من خلال الوجبات ، إن التوغل حيث يحرص ﻻمي على إخفاء ذكراه اﻷكثر ألما أمر ضروري لتفهم ما سيقدم عليه لامي ،و حتى ﻻ تخيب توقعاتك ،الذكرى ليست مؤلمة لمقتل شخص عزيز عليه و ليست مؤلمة بسبب عذاب جسدي ، فلا يتعرض أهل اﻷقبية لعذاب جسدي ولم يروا أحد تعرض له من قبل ، إن اﻷقاويل عن أشخاص يتم تشريحهم و هم ينظرون مجرد أسطورة شعبية تنمو في عقول سكان اﻷقبية دون معرفة مصدر بذورها وتنتقل إلى كل وافد جديد كحبوب اللقاح ولكن دون رياح (لا رياح في اﻷقبية ) .
تتلخص تلك الذكرى كالتالي"منذ اكتسب ﻻمي ادراكه ملأته سديم بمسلمات غير التي يحصل عليها من مؤثرات النوم ،أول تلك المسلمات أن ﻻمي سيكون عظيما و سيصعد إلى فوق مع من تفرد من سكان اﻷقبية ليعملوا تحت إشراف الغرباء ﻹخراج جيل جديد قادر على الحياة خارج اﻷقبية، وقد أظهر ﻻمي صدق نبوءة سديم في كثير من اﻷوقات إذ تعلم قراءة رموز اللغة المكتوبة وفك طلاسمها وكان يجمع اﻷوراق التي في القسم اﻷخير من المدينة حيث كان تحت اﻹنشاء.
ﻻ يسمح الغرباء للسكان بالاقتراب من الانشاءات لكن كان ثمة درجة من التساهل مع ﻻمي الصغير الذي تمنى أن يملك ورقات كالتي يملكها خاله ساري الذي كان رمز تفوق بين سكان اﻷقبية ، كان ﻻمي معجزة حقا يتجمع حوله السكان رغم ضآلته وينظرون إليه نظرات إعجاب لم توجه ﻷحد السكان قط حتى ساري، لكن معجزة ﻻمي الصغيرة لم تدم كثيرا فقد أصبحت كلماته مربكة وتوقف عن إبهار السكان بتجاربه البسيطة التي تشرح بعض قوانين الفيزياء بل وتوضح سبب ميل اﻷنابيب والحكمة من أن سماء اﻷقبية على هيئة قباب باﻹضافة إلى بعض الحيل الحسابية التي لم يعلم عنها أهل اﻷقبية شيئا،لقد غير كلماته فصار يتساءل عن الغرباء ،بل أسوأ صار يتساءل عن السكان أنفسهم و يدعي أنهم كانوا عظماء من قبل عظماء كالغرباء، كانت القاسمة حين قال: أين من يرقون فوق ؟وما الذي أنجزوه إلى اﻷن؟ ولما ﻻ نقابل أحدهم ؟هل تعرفون أحد رقى إلى فوق باستثناء المستولدات؟ انفض المجلس من حول ﻻمي في غضب وحيرة ، لكن ﻻمي الصغير تابع أحاديثه المربكة حتى صار مفسدا للمجامع.
وبينما يعود ﻻمي لترهاته رد عليه أحدهم :لو كنت ذكيا كما تدعي لصعدت فوق.
ﻻمي :لم أدعي ذلك و ما أقوله إننا ﻻ نعلم إن كان ثمة من يأخذ فوق باستثناء المستولدات .
يتابع الرجل: لمجرد أنهم لم يأخذوك هذا ﻻ يعني أنهم ﻻ يأخذون أحد.
ثم يعرض الهولوجرام في اﻷعلى دعاية تظهر بعض سكان اﻷقبية في ملابس غريبة بيضاء وفي غرف بيضاء يقومون بإنجاز أعمال تظهر الدعاية أنها ستنشئ جيلا جديدا من السكان قادرا على الصعود إلى فوق و العمل فى الخارج،بهت ﻻمي وأسقط في يديه ولم يشترك في مجمعا مرة أخرى ، لكن اﻷمر لم يقف عند هذا الحد لقد ذهب حيث موقع البناء فوجده مليئا بالغرباء شاهدهم من بعيد برؤية ثاقبة ستزداد حدة فيما بعد ،لم يجرؤ ﻻمي على اﻻقتراب منهم كما اعتاد أن يفعل ولكنه زحف بموازاة خط اﻷنابيب حتى نهايته ليجد كومة من مادة اﻷرضيات اختبأ ورائها إن قوامها العشبى يغريه بسحب احداها ،هي كبيرة ولكن يمكن طيها ،طواها لامي مرتان لتشكل مربعا طول ضلعه أطول من ﻻمي قليلا دخل ﻻمي بأحد الطيات بعدما وضع أرضيته بجانب كومة اﻷرضيات ودفعها بقدمه فسقطت اﻷرضيات على الأرضية التي يختبأ بها ﻻمي جاء أحد الغرباء بعد سماعه لصوت اﻻرتطام واستخدم ذراعا آلية لتحمل اﻷرضيات ومن بينها اﻷرضية التي يختبئ بها ﻻمي تحركت المركبة أخرج ﻻمي رأسه و تفحص المكان باحثا عن أقرب طرق للمحل الذي يجمع منه اﻷوراق لقد وجده قفز ﻻمي على اﻷرضية الشمعية لكن قفزته لمتصدر صوتا يذكر وتحرك نحو وجهته ولكن لم يجد شيئا لقد أتموا البناء و أزالوا المخلفات لكن ﻻمي الصغير لم يقبل تلك النتيجة فأخذ يهيم باحثا عن أي كسرة ترشده لمخزون اﻷوراق وبدا أنهم أغلقوا نافذة اﻷمل الوحيدة التي عرفها ﻻمي و أصبحت اﻷقبية على مرمى بصر ﻻمي نظيفة لامتناهية كاليأس الذي تملكه ولكن وميض نور لمع من مكان بعيد اتجه ﻻمي نحوه.
**********
كل ما علاك فأظلك فهو سماء ، لذا لا تناقض في كلمة سماء اﻷقبية فهي تعني سقف اﻷقبية .
اﻷوراق عبارة عن مخطوطات ولكن فضلت لفظ اﻷوراق لاتساقه مع جهل شخصيات القصة بالكتابة .
هروب لامي كان هروبا من واقعه اﻷليم لم يكن يهدف إلى الخروج من اﻷقبية ، لذا كان العنوان مناسبا خاصة أني أرى الهروب من الواقع عملا إجابيا أحيانا.