بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 21 فبراير 2017

اتصال من خلف القبة

بدأ خزام و من معه من سكان اﻷقبية بصناعة أحواض و خزانات تحوي سائل شديد الحموضة يمكنهم الحصول عليه "فلوريد الهيدروجين " السائل محمل بشحنات كهرومغناطيسية ، كان العمل على قدم و ساق و قد أنهوا قسما كبيرا من أرضية المنطقة 0 ، و قاموا بتغطيتها بالخرسانة المعالجة بيولوجيا ، تلقى خزام أول اتصال له من الخارج بعدما مدوا بعض اﻷسلاك كهوائيات من تحت السطح إلى خارج القبة الكهرومغناطيسية ، كان الاتصال من كاظم الذى كان غاضبا بسبب ضعف التواصل مع سرية خزام ، لكن خزام لم يجبه عن استفساراته بل سأله قائلا :هل كتائب الركام تعمل لدى الغرباء ؟
كاظم : ما الذى ترمي إليه ؟
خزام : هل تتعاون كتائب الركام مع الغرباء بأي شكل ؟ ما حجم تواصلكم معهم ؟
كاظم : لقد دخلنا في حرب معهم للتو ما خطبك ؟
خزام : كيف كنتم تتواصلون معهم قبل ذلك ؟
كاظم : هل لديك ما تقوله ؟ من اﻷفضل أن تفصح عنه أو تجيبني ، لم لم تتصل بنا من قبل ؟
خزام : لقد تعرضنا لهجوم من إحدى كتائب الركام مصحوبة بوحدة من الغرباء-الحراس .
كاظم : هذا ما كنت أخشاه ، و ما الذى توقعته ؟ أن يهاجم الجميع الغرباء من أجلك .
خزام : توقعت ألا يهاجمونني مع الغرباء-الحراس ، ألم تحقر الكتائب سكان اﻷقبية لحياتهم في كنف الغرباء ؟ ألم يحقرونهم لأنهم عبيد للغرباء ؟ ماذا يسمون أنفسهم اﻵن ؟
كاظم : كيف حال سريتك ؟ هل هربتم ؟
خزام : مازلنا فى المنطقة 0 ؟ إنها مؤمنة جيداً اﻵن ، أرجو أن تخبروا بقية الحمقى من قادة الكتائب ألا يحاولوا مهاجمتنا و إلا سيلقون مصير سابقيهم .
كاظم : لكن كيف استطعتم هزيمتهم ؟ و كيف أمنتم منطقتكم ؟
خزام : و ما الذى توقعته أن أسلم رقاب سريتي لهم و أدعي أني بذلك حكيم و لست ساذج ، على أية حال لقد أوقفناهم و اﻵن دوركم لتوقفوا خنوعكم .
كاظم : أيها السليط اﻷحمق ، لولا رغبتي في معرفة كيف واجهت الغرباء و كيف أمنت منطقتك لما احتملت تعجرفك .
خزام : لا تكن ساذجا اﻵن أيها العجوز الحكيم ، لن أعيدكم إلى مواقع القيادة بعدما تبين أنكم كنتم تخضعون للغرباء كل ذلك الوقت ، اجمعوا كل من تبقى لديه حكمة من أفراد الكتائب و عاودوا الاتصال بي ، أخبرهم أنني الاختيار الأفضل اﻵن.
أنهى خزام الاتصال و ترك كاظم مصدوما كانت ديم تستمع للاتصال و بدت غاضبة ، لم يعرف كاظم إن كانت غاضبة منه أم من خزام ، لقد كان مؤمناً أن خزام على حق ، عليه أن يجتمع بمن يثق بهم و يقنعهم باتباع خزام .

الأحد، 19 فبراير 2017

سرية خزام

كان الحراس هذه المرة في بذات أمنع من البذات السابقة ، كانت عصية على الدمار حتى تمنى خزام لو أن الغرباء-الحراس في إحدى البذات ، على اﻷقل حين تدمر البذلة بعد كل ذاك الجهد سيشعرون بالرضا من التخلص من أحد الغرباء ، استطاع زافن الذى تميز بالسرعة و خفة الحركة إجبار حلف الحراس و جنود الركام على التراجع و من ثم نصب القبة الكهرومغناطيسية التي كانت ناجحة ، لم يستطع أحد إختراقها ، فقد كان مجالها مدمرا للأعضاء و القذائف و توقفت بذات الحراس التي حاولت العبور نحو المنطقة 0 ، كانت القبة فعالة فقد سمحت بخروج قذائف البلازما نحو المهاجمين و لم تسمح بدخول شيء ، كان الحل الأمثل الغرباء-الحراس هو حفر نفق و هو ما شرعوا فيه ، استمر الحفر لساعات و مع وصول أول اﻷفواج المهاجمة تصدى لهم الجميع حتى سكان مدينة اﻷقبية لكن لم تكلل جهودهم بنجاح يذكر ، فتراجع خزام مع سريته و خلفه سكان اﻷقبية ، إلا أن أيهم العنيد تقدم مستخدماً كافة أنواع اﻷسلحة التي أعدوها و بينما يطبق عليه الحراس صرخ في خزام : لما لا توقفهم كما تعطلوا عند القبة كان إعداد سلاح دفع كهرومغناطيسي أمر مستحيل في دقائق معدودة لولا السائل اللاودي فهو موصل ممتاز ، أرسل خزام زافن ليحضر بعض السائل بينما يحاول ثلاثتهم تأخير الحراس الذى بدا أنهم لن يتدمروا قبل استنزاف ذخيرة سرية خزام ، إلا أن بعض سكان اﻷقبية نزعوا أسلحة البذات المعطلة و أخذوا في مهاجمة الحراس بأسلحتهم ، كان تجريعهم من نفس الكأس ناجعا ، تراجع الحراس في حين أحضر زافن ما يكفي من السائل اللاودي ،  نجح اقتراح أيهم و استطاعوا تعطيل كل البذات اﻵلية التي حاولت اﻻختراق فتراجع الحراس و انسحبوا من حصار المنطقة 0.
أصبح خزام اﻵن أمام سؤالين ، كيف نؤمن اﻷرضيات حتى لا يخترقونها باﻷنفاق و ما سر تحالف كتائب الركام مع الغرباء-الحراس .

السبت، 18 فبراير 2017

بداية المواجهة من المنطقة 0

ظل الحلم الذي يراود كنان مسيطرا على تفكيره ، لقد كان واثقاً أن الحلم رسالة من لامي ، ظل يبحث عن بعض المخطوطات التي كان يحتفظ بها لامي ، في تلك الأثناء اجتمع خزام بالكتيبة ، على الرغم من أن أوس ظل يتوسط المجلس إلا أن خزام كان محط الاهتمام ، انتظر منه الكل قيادة الخطوة القادمة ، لقد أحكموا سيطرتهم على سكان الأقبية ،  وعطلوا أية إجراءات دفاعية قد تقوم بها الخلية الإلكترونية ، لكن الغرباء-الحراس لن يتركوهم طويلا ، لابد أنهم يعدون لاسترداد المنطقة 0 ، أو ربما محوها تماماً ، وقف خزام الذي دارت كل تلك اﻷفكار في رأسه ، لقد خانته الكلمات الآن ، في حين  انتظر طويلاً هذا المقام لكنه يشعر برغبة في الهروب و الانزواء بعيداً ، إذ إنه لا يملك حلولاً و لا كلمات حماسية ، لا يستطيع حتى إقناعهم بالتضحية بأنفسهم و عدم الاستسلام _ رغم أنه طالما قال إن الموت أمام الغرباء-الحراس خير من الاستسلام للوضع الحالي _ كيف اختفت حماسته و تلاشت قناعاته حين شعر بالمسئولية ؟ لاحظت ديم توتره فبادرته قائلةً : ما الخطوة التالية ؟ أعتقد أنه لابد من أعداد أنفسنا ، لما لا نشرع في تصنيع الأسلحة التي كنت تصممها ؟
رد خزام : أعتقد أننا لابد أن نشرك سكان اﻷقبية معنا ففي النهاية صار مصيرنا واحد ، كما أنهم أطوع في العمل من أي منا ، لقد أصبحنا قادرين علي إرسال كافة رسائلنا عبر أجهزة التحكم بالموجات العصبية ،  و أعمل اﻵن على إيصالها إلى سكان اﻷقبية بالمناطق اﻷخرى ، قد تسير بعض القلق لدى الغرباء-الحراس مما قد يوخرهم ، أرى أن تبقى هنا مجموعة صغيرة من أفراد الكتيبة بينما يتوجه الباقون بعيدا تحسباً لوقوع ضربة تقضي على المنطقة بأكملها سأحافظ على تواصلي معكم و سيكون عليكم الاتصال ببقية الكتائب ففي النهاية الوسيلة الوحيدة للصمود أمام الغرباء-الحراس هي بمهاجمتهم في كل الجبهات ، إذن من سيبقى معي .
حاولت ديم البقاء لكن أبوها و خزام رفضا في نفس واحد و بقى مع خزام  "أيهم" و "أحنف" و "زافن" شرع خزام في تصنيع قاذفات بلازما و مدافع صوت و قذائف مركبة التأثير تجمع بين الاختراق و تغيير الضغط أو الحرارة لكن أهم أسلحته كان مولد المجال المغناطيسي لقد هدموا البناء المتصل ببقية المناطق و عزلوا المنطقة 0 ثم بدأ خزام بتوليد المجال على حدودها ليحميها من القذائف الإشعاعية و ربما من القذائف بوجه عام بدأ سكان اﻷقبية في نشر القبة الكهرومغناطيسية تحت قيادة خزام  لكن عطلهم هجوما غير متوقع إنهم أحدى كتائب الركام .
ارتبك خزام ، لما يهاجموننا هل يظنون أننا من الغرباء-الحراس ؟ هل وصل إليهم أوس بتلك السرعة ؟ و لما لم يوضح لهم موقفنا حاول خزام التواصل معهم دون فائدة فأمر" أيهم " بإشعال فتائل القذائف الصوتية التي كانت ناجحة فقد فرقت صفوفهم ، غير أنه بدا من خلفهم إمدادات أخرى من جنود من نوع آخر ،  إنهم الغرباء-الحراس .

الجمعة، 10 فبراير 2017

احتلال المنطقة 0 (الشرط الثاني )

استطاعت الكتيبة القضاء على الحراس و استولوا على مركباتهم ، اتجهت الكتيبة التي أتمت خدعة خزام (بعدما أقنعهم بها كاظم أبو ديم إذ لا سبيل آخر سوى المواجهة بعدما ضيقوا عليهم وهدموا معاقلهم و حرقوا مخازنهم ) إلى مدينة اﻷقبية ، هاجموا بواباتها ، و لم يستطع أي من الحراس -البذات المملوءة بالهواء الصمود أمام الكتيبة و خاصة بعدما ظهر خواؤهم .
واصلت الكتيبة التقدم داخل المدينة ، لم يشهد تقدمهم إحجام و لم تعرف عيونهم تلاحظ ، واصلوا التحرك حتى سيطروا على المنطقة اﻷولى (مدينة اﻷقبية بها آلاف اﻷحياء لكل منها خلية إلكترونية مركزية تتحكم بها ، حي واحد -خلية واحدة ، اﻷمر الذي يعلمه خزام جيدا فقد اهتم بمعرفة المدينة أكثر من أقرانه في الكتيبة الذين اهتموا ببغضها) .
اتجه "خزام" و "أيهم" و "كنان" و "أشعب" و "أحنف "و "زافن" أصغرهم و أسرعهم ، إلى حجرة السائل اللاودي ، لقد زادت إجراءات اﻷمان داخلها فأطلقت غازات سامة أحكم اﻷفراد إغلاق خوذاتهم ، لكن الغرفة استمرت في نشر الغاز ، كان الهدف تفريغها من أى غاز يشتعل و بخاصة الأكسجين ، لكن لم يكن هدف خزام تدمير الخلية بل تدجينها ، توجه خزام نحو مركز الخلية حيث تتعقد و تتجمع تغصناتها ، كان السائل مغطى باﻷنابيب التي تحميه ، لكن ليس من مهندس بارع كخزام ، وصل خزام إلى الوحدة الصلبة واستبدلها بأخرى أعاد برمجتها ، أصبحت المنطقة 0 اﻵن تحت سيطرتهم ، الآن يمكنهم استخدام الهولوجرام ، وموجات الاتصال بالدماغ للتواصل مع سكان اﻷقبية ، لقد فعلها خزام ، احتل مدينة اﻷقبية ، لكنها مازالت خلية واحدة .

كتيبة الركام

ظلت ديم تتردد على ملجأ خزام بينما يعدون الخطة ، و في أحد الأيام سمعوا مركبات محومة فوق ملجأهم داخل الكهف ، إنه هجوم من الكتيبة ، لم يكن خزام قادراً على مواجهة إحدى كتائب الركام وحده ، استعد للهروب ، فأعد مركبة له حمل عليها بعض المعدات ، و أعد مركبة لكنان الذي لم يتقن قيادتها بعد و وضع عليها بقية المعدات ، بينما ركبت ديم و سديم مركبة أخرى ، العجيب أن كنان استطاع الهرب خلف خزام لكن الكتيبة أطبقت على ديم و سديم ، و اتجهوا بهما نحو تجمع للغرباء -الحراس ليس بعيداً عن الملجأ ، كان الغرباء-الحراس أكبر و بذاتهم تبدو مختلفة عن تلك التي دمرها لامي ، بدا الغرباء-الحراس أكثر استعدادا للقتال ، أكثر تهديدا ، كانت تخرج من بذاتهم فوهات موجهة نحو مختلف الاتجاهات لذا بدأ أفراد الكتيبة بالتراجع .
قال أحد الغرباء-الحراس و هم يقربون له سديم : أين اﻵخر .
 رد جرير : سنحضره قريباً .
تراجع الغرباء-الحراس بسديم لكن قبل أن يتوجهوا بها لإحدى مركباتهم سمع صوت حوامة من بعيد ، إنه خزام الذي شرع في إطلاق مقذوفات صغيرة مدورة قطر الواحدة إنشان و سمكها مليمترات ، كانت المقذوفات تلتصق ببذل الغرباء-الحراس ، و لم يستطيعوا نزعها ، رد الغرباء-الحراس بإطلاق النار و توجيه آشعة الليزر على أفراد الكتيبة الذين أنزلوا خوذاتهم و ردوا بقذائف كالتي أطلقها خزام .
قال أحد الغرباء-الحراس ﻷفراد الكتيبة -الذين تمترسوا خلف اﻷحجار و الركام -: تلك البذات يتعذر تدميرها . و زاد عدد الغرباء-الحراس الذين يخرجون من المركبات ليطبقوا على الكتيبة حتى أن بعضهم اتجه لمركبات حوامة لمواجهة محاربي الجو مع خزام ، ضغط خزام و أفراد الكتيبة على أحد أزرار بنادقهم ففعلوا القذائف التي أطلقت ترددات غيرت الضغط داخل البذلة فانطبقت على ذاتها كصفيحة مشروب*.

******************
بعدما حكت سديم لخزام ما فعله لامي مع الغرباء-الحراس فهم أن البذات مملوءة بغاز يتم تغيير توزيعه للتحكم في حركة البذلة ؛ لذا فاستخدام ترددات تؤدي لتغير حجم الغاز ، لانكماش الغاز كفيل بصنع فرق في الضغط الجوي داخل وخارج البذلة .

الخميس، 9 فبراير 2017

الشرط اﻷول

يدخل كنان مرتديا ملابس بدو المستقبل و يخطو على قدمه الميكانيكية التي صنعها له خزام ، إنها ممتازة ،  تعمل بكفاءة قدمه العضوية ، يمر كنان بجوار خزام الذي يقرأ في كتاب ، يذكره المشهد بلامي فتذكر الحلم الذي يستمر في مراودته منذ الحادثة ، في الحلم يعطيه لامي أمانة من على منبر ، كان المشهد غريبا فلم ير كنان منبرا من قبل ،كما أن الحاضرين ليسوا من سكان اﻷقبية ، كانت الشمس تتخلل المكان و آشعتها تتسلل من العيون للقلوب ، هذا المشهد الذي من شأنه ان يجلب السكينة كان له أثرا مغايرا على كنان ، لقد كان محفزا محركا ، كلما استيقظ من حلمه كان يشعر بدافع يدفعه لإيجاد اﻷمانة التي أعطاها له لامي ، استمر كنان في السبر وسط أفكاره حتى وصل للجهاز المتصل بالوحدة التي وجدها لامي بغرفة السائل اللاودي ، شغلها و شرع في طلب المعلومات ، استخدم لامي الذي لا يعرف القراءة اﻷوامر الصوتية و طلب إلغاء المخرجات المكتوبة ، لقد استمر في التردد عليها في اﻷيام السابقة و كانت كلماته المفتاحية هي"الشعائر الدينية " ، لقد عرف الكثير لكنه لم يفهم شيئا بعد -  فالفهم هو علم النسبة إلى النفس و يصعب نسبة تلك الكلمات لنفس كنان - فاﻹيمان و اليقين لا هما مشاعر أو معارف بالنسبة لكنان ، فلم يعرف قط كيف يشعر بالإيمان أو يحس باليقين ، كما أن عقله يقصر عن الوصول لهما ، لقد تحول عقله لركام بعدما حدث مؤخراً ، الآن الشيء الوحيد الذي يعرفه هو اﻷلم و الشخص الوحيد الذي يثق به هو لامي ، أما وقد رحل لامي لم يتبق له سوى اﻷلم ، لم تدم تأملاته الساذجة طويلاً فقد دخلت ديم التي شغلت تفكيره فور دخولها ، استقبلها خزام بشوشا في حين كان القلق يملأ قسمات وجهها وجهت حديثها لخزام قائلة : لقد تحرك الغرباء ، إنهم يسمحون الركام و يبيدون اﻷطلال ، يقضون على كل ما بقايا حضارتنا .
خزام : أعتقد أن مواجهتهم أصبحت مفروضة عليكم اﻵن .
ديم : علينا ؟ أنت من تسببت بكل هذا ، لقد كان أبي على حق .
خزام : لا يمكنني مخالفتك ،أنا السبب فلولاي لما عرفتم أن الغرباء يمكن مواجهتهم ، لولاي لما اضررتم للتوقف عن العمل كقمامين نتسول حياتنا من بقايا الماضي ، ألا تعلمون أن المخازن نستهلكها منذ عقود ستفرغ ؟ ألم يأن اﻷوان لننشأ مدينتنا بدلاً من الاقتيات من بقايا حضارة أنهاها الغرباء من دهور ، على كل يمكنكم الاستمرار في التراجع ، ربما تطلبون من الغرباء غرفة في الأقبية لكن لا أظن أن سكان اﻷقبية سيرضون بجواركم بعدما ظللتم تحقروهم .
نظرت ديم إليه نظرة غضب و أمل ثم قالت : لقد ظننت أنك قد تساندنا ، لكن لابد أنني مخطأة . ثم تحركت نحو الخارج إلى أن أوقفها صوت غير الذي تنتظره ، قال كنان : انتظري لابد أن أشكرك على معالجتي ، لقد أنقذت حياتي .
قالت ديم و قد تغيرت تعابير وجهها نحو الانفراج  : لا داع لذلك ، تبدو قدمك الميكانيكية جيدة.
كنان : أود أن أساعدكم . نظر خزام إليه شزرا و قال له : وكيف ستفعل ذلك ؟
كنان : ليس لدي فكرة ، كل ما أعرفه أن لامي لا ينتظر الفرص السانحة ، و لا يعد الخطط الجيدة ، إنه يتحرك كانهيار جرف لا يتوقف إلا مدفونا في باطن الأرض ، لذا لن أنتظر بعد الآن لقد آن الأوان للتحرك.

رد خزام  -  الذي عرف لما شعر بالتهديد من كنان ، إن لامي و كنان ليسا متشابهين في بصمة العين فقط - :  أنا لدى خطة قد لا تفيدنا لكنها لن تقتلنا.

الثلاثاء، 7 فبراير 2017

الحلقة الرابعة شرح الشروط الستة

**(لعلك تتسائل لماذا نحتاج لبصمة عين لامي لفتح ملفات وحدة الذاكرة ، عليك العودة إلى حلقة "البحث عن كوة" عندما حاول لامي اﻻختباء في أحد المخازن و استخدم الجهاز المتصل بالوحدة لفك شفرة الدخول ، قام برنامج اﻷمان بالتعرف على لامي وجعل بصمة عينه مفتاح للدخول للبيانات  )
كان كنان اﻷخ اﻷصغر للامي و صديقه الوحيد ، الوحيد القادر على تمكين خزام من الدخول على بيانات الوحدة الصلبة ، فتحت الملفات أمام خزام كان يعرف الكثير من تلك المعلومات بالفعل ، لكن الملف الذي استرعى انتباهه هو خطط مقاومة الغرباء ، حاول خزام مرارا لكنه فشل كما فشل لامي -على الرغم من كونه مهندسا بارعا ، و مبرمجا جيدا ، فقط فتح ملف خاص عنوانه شروط الغرباء للتسوية ، كانت بياناته مسموعة و مرئية تتلخص في النقاط التالية :
1 . التوقف عن كافة الشعائر الدينية .
2 . استبدال اللغة المكتوبة باللغات المنطوقة أو لغات التخاطر .
3 . فصل سكان اﻷقبية عن البدو .
4 . إنشاء مدن أخرة لدمج البدو .
5 . التحفظ على كل من يختلط باﻷخر سواء كان من سكان اﻷقبية أو من البدو .
6 . يحظر على سكان اﻷقبية الخروج للهواء الطلق .
تمكن كنان من التقاط بعض المعاني و بخاصة معنى الشرط السادس ، صرخ كنان : سيقتلنا الهواء .
ردت سديم : نحن ميتون لا محالة ، لقد عشت أكثر مما ينبغي لي على كل حال ، كان ينبغي أن تحرق جثتى قبل لامي .
كنان : لماذا أخرجنا أولاً ، ما فائدة الحياة لعجوز بائسة ، او لهزيل أبتر مثلي و خاصة أن الوحيد من اﻷقبية الذي يستطيع النجاة في الخارج هو لامي ، هو الوحيد الذي يستطيع اختراع جهاز لتنفس نظير النتروجين المشع .
تدخل خزام قائلاً : نظائر النتروجين كلها مستقرة -كانت تعابير وجه خزام تظهر الاستعلاء و الاستخفاف -
ثم تابع قائلاً : أظن أنك يجب ان تقلق بشأن كاحلك الملتهب . ثم ناوله شراب و طلب منه دهن معجون قام بإعداده على جرح قدمه الذي عالجته ديم .
بينما شرع كنان في معالجة آلامه سأل خزام : ما الشعائر الدينية ؟ ، ولما منعها الغرباء ؟
خزام : أظن أنهم كرهوا أن تؤدى شعائر لغيرهم .
كنان : ماذا تعني ؟
خزام : ألا تعبدون الغرباء ؟
كنان : لا ، على حد علمي .
سديم : ما هي العبادة على أي حال ؟
خزام : ألا تؤمنون بشيء ؟ ثم تابع مصححا :ألا تثقون بشيء ثقة مطلقة ؟
كنان : و هل يوجد ما يستحق الثقة المطلقة ؟ إن أبسط معرفنا نسبية و منحازة و لا تكفي أعمارنا للتثبت من فكرة واحدة ، يمكنني أن أثق بالألم .


نصف الطريق إلى الحقيقة

انطلقت مركبة خزام في الهواء مخلفة وراءها الغبار الناتج عن تهدم الفتحة ؛ لتحط على اﻷرض مستعينة بعجلاتها المزودة بأجهزة تعليق صممها خزام ، اسرعت السيارة على الرمال حتى وصلوا ملجأ بأحد الكهوف .
أنزل خزام كنان و سديم و حقيبة لامي ، و شرع في محاولة تشغيل وحدة المعلومات ، لكن الجهاز ظل يطلب بصمة العين و الرقم السري لفتح الملفات ، حين حاول جرير فتح الملفات لم تخطر بباله فكرة أن بصمة العين قد تكون للامي ، فلم يظن أي من أفراد الكتيبة (باستثناء خزام  ) أن سكان اﻷقبية يمكنهم امتلاك أو تشغيل تلك اﻷدوات ، لكن لامي أصبح من الماضي ، نظر خزام لسديم و قال : أنت أم لامي ، صحيح ؟ هل له إخوة توائم .
سديم :تقصد يشاركونه في الحمض النووي .
خزام : نعم .
سديم : لأبنائي الخمسة نفس الحمض النووي . .(كانت تلك الطريقة التي اعتمدها البرنامج و من بعده الغرباء  لتجنب حدوث تنوع غير محبب ).
خزام : إذن سنعود للأقبية ﻹحضار أحد إخوته.
سديم : لا حاجة إلى ذلك.

الاثنين، 6 فبراير 2017

الحلقة الثانية : لأجل حسناوات المستقبل

أفاق كنان وقد عقد لسانه جمال ديم ، كان اﻷلم شديداً و اﻷحداث صادمة ، كان ما حدث كفيلا بقطع الصلة بين المدخلات التي تصل إلى الوعي و مراكز معالجة و استيعاب المعلومات بالعقل ، لكن وجه ديم الخالي من العيوب جاد بإشراق تلقته نفس كنان و انطبع على صفحتها ، حتى تعذر أن يشغل بسواها.
قطع تأملات كنان حديث خزام إلي ديم حين قال : لقد أفاق ساكن اﻷقبية ،  يمكنك العودة اﻵن.
ديم : حسن ، إذا كان يمكنك اﻻهتمام به من هنا.
كانت الغيرة أصيلة في نفس خزام لكنه لم يظن أنه قد يغار من هذا الهزيا المغطى بالقشور ، صاحب الطن المنتفخة و الذنب الذي رغم انطوائه تحت ملابسه إلا أنه أوضح معالم هويته ، أضف إلى ذلك القدم المبتور ، لا شيء في كنان يشعر خزام بالتهديد باستثناء شىء واحد فقط ، إنه يذكره بلامي نفس العرق الذي احتقره بدو المستقبل ، و كانت معارضة خزام لهم و تهريبه للامي دليل على إعجابه بلامي الذي صار مثالا للبطل عند خزام لقد جسد بيت شعر يتمثله خزام .
و عادة النصر أن يزهى بجوهره   ********  و ليس يعمل إلا في يدي بطل
لقد تخطي لامي وضعه ، فرغم ضعف جسده و وضاعة نشأته تمكن من كسر القيود و فعل ما لم يفعله أحد قبله ، لقد أفرغ إحباطا و حقدا ظلا مكبوتين لدهور ، نعم لم يكن ما فعله ذا فائدة ، لكنه كان مطهرا ، ، مريحا للروح ، شافيا للقلب ، مذهبا لغل النفس الذي قيدها بالانبطاح أمام الغرباء-الحراس .
لقد رفع لامي من شأن سكان اﻷقبية في نظر خزام حتى إنه يترقب منافسة من ذلك الوجه الباهت ، و الجسد الهزيل و الروح المتلاشية ، يغار منه على إحدى نساء الكتيبة التي لم يتجرأ لخطبتها رغم أنه يرى نفسه أحق بكرسي الكتيبة ، فقد ظهر صواب رأيه بشأن لامي ، هو من يستطيع حمل لواء الكتيبة أمام الغرباء-الحراس ، و تحقيق حلم يتلاشى حتى أصبح وهم أو سراب ، إنه يرى نفسه بمثابة جرير و أوس مجتمعين فله كفاءة أوس الهندسية و ذكاء جرير و حكمته و معرفته بتاريخ القدامى ، فقط لو أيده "أيهم" ولكن "أيهم" يكرهه ويحقره .
لا تزال رتبته منخفضة في الكتيبة مما يجعل تقدمه لأي فتاة فيها مطوقا بالرفض .
تدخل ديم قائلة : اتركهما (مشيرة لسديم وكنان) إن أبي يطلبك ، سأهتم بهما.
يمر خزام لداخل قاعة سقفها هاو تتسلل منه آشعة الشمس التي تسقط على وجوه مكفهرة ، لم يتفاجأ خزام من الغضب الظاهر على وجوههم بل كان مستعداً له ،فبادأهم قائلاً : أظنكم تعلمون كم أنتم مخطئون ؛ لذا جمعتم أنفسكم لتصدوا سهام كلماتي النافذة .
أبو ديم "كاظم" :حسنا خزام ، لطالما سايرتك إحتراما لأبويك الراحلين ، لكن مؤخرا اتضح لي أن اﻵخرين على صواب لقد أفسدك الدلال ، لكنني لن أسمح أن يأسن ماء الكتيبة بسبب قطرة واحدة .
كان الكلمات القاسية متوقعة لكن مصدرها كان مفاجئا ، لم يتوقع خزام أن تصدر من كاظم المساند اﻷكبر له في الكتيبة، حرك خزام يده ناحية حزامه فاسترعى انتباه الجميع و ارتسمت بسمة على وجه "أيهم" الذي عدها فرصة لتلقينه درسا ، كبس خزام زرا وسط حزامه و أغمض عينيه ، فخرجت آشعة أصابت الجميع بخلل عصبي يشبه الصرع ، أخذ خزام الحقيبة التي توسطت القاعة ، إنها حقيبة لامي التي تحوي وحدة الذاكرة ، اتجه نحو سديم و كنان و ديم ، نظر إليها مطولا ثم أركب سديم و كنان مركبة سيارة ، لقد علم أنهم سيتبعونه لذا فالتنقل جوا ليس الخيار اﻷمثل ، أفاق الجميع بسرعة و تبعوه ظانين أنه صيد سهل ، لكن بمجرد اتجاهه نحو اﻷنفاق القديمة فهموا خدعته .
دخل خزام اﻷنفاق بينما كان كنان ممددا بجانبه ، سيطر على تفكير كنان وجه ديم الساحر حتى شعر بالخزي من طبيعته ، لقد احتقر نفسه دائما لكنه لم يكرهها سوى اﻵن ، تمنى لو أصبح كالرجال الذين حدثه لامي عنه ، لابد أن خزام و ديم من نسلهم .
يتوقف خزام بمركبته بإحدى جوانب النفق ، ثم شرع بتعديل المركبة إذ زودها بمحرك صاروخي ، حرك خزام المركبة ناحية مخرج ضيق ومتهدم ، انتظر حتى سمع أصوات مركبات الكتيبة السيارة تقترب ، ثم انطلق كالصارروخ خارج النفق مخلفا انهيارا سد المخرج الضيق ، تذكر كلا من سديم و كنان فصرخا :الهواء الطلق. .سيقتلنا نظير النيتروجين .

الأحد، 5 فبراير 2017

السلسلة الثانية البحث عن اﻷب

الحلقة اﻷولى :في الحلم
حمل خزام كلا من سديم و كنان بعيدا عن الخلية المدمرة لقد تركوا خلفهم آخر الصاعدين إلى فوق و أول الحالمين بالتخلص من الحراس ، ظن خزام أن نهاية لامي كانت بلا جدوى لقد كان أبرز سكان اﻷقبية كان أجدر من تصدى للغرباء-الحراس على اﻹطلاق و أهدر حياته من أجل خلية واحدة.
ولكن على الطرف اﻵخر من الدراجة كان كنان الذي كان في غيبوبته يحلم بلامي لقد ظهر لامي في الحلم كأب له ، أب لقد علم سكان اﻷقبية أن اﻷبوة أمر نادر فقليل من الذكور يرغبون في التزاوج وندرة هم من يستطيعون تخصيب النساء ، أما شعور اﻷبوة فلم يختبره أحد المعاصرين حتى من أنجبوا مثل ساري فلم يعرف وليده كابن له.
ظهر لامي اﻷب في حلم كنان فوق منبر يوزع أمانات على سكان اﻷقبية و يختص كنان بأثمنها ، لقد شعر كنان بالفخر واﻻمتنان ﻷن أبيه(لامي) اختصه بتلك اﻷمانه التي لم يتبين ما هي في الحلم ، إنها وحدة مضيئة ، ثم أعاد لامي في الحلم كلمات كرهها كنان حين سمعها في الواقع لقد قال " إن الكون كبير جدا حتى على الغرباء ، لن يحتوي هذا الكون إلا أرواحنا ، حبذا لو كانت لدينا روح.
استيقظ كنان على شعور باﻷلم ليس اﻷفظع ، إنه اﻷول فلم يتعرف سكان اﻷقبية الشعور باﻷلم ، فتح عينيه ليبصر امرأة جميلة صاحبة وجه ناعم خال من القشور ، ترتدي عباءة حمراء مذركشة باﻷسود ، خاطبته بحروف بدا أنه يفهمهم بعضها قائلة : لقد عالجنا الجرح قدر اﻹمكان جسدك ضعيف جدا و لكنه تحمل الصدمة .
خزام : ليم هل أفاق ؟
ليم : نعم ، و يبدو أنه سينجو .
خزام : لا أظنه سينجو ، لكنه يمكن أن يفتح قفل الوحدة الصلبة التي كانت مع لامي .