بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 27 سبتمبر 2018

تابع هروب من مدينة الفئران

ظل الشعور باللذة الذي صادفه ﻻمي بالخارج ملازما له ،ﻻبد أن يعود هناك مرة أخرى ، رجع ﻻمي ﻻوراق الكيمياء ﻻبد أن نظير النتروجين غير مشع وإﻻ تحلل من الواضح  ان عدد النيترونات أكبر في النظير الذي استحدثه الغرباء كما أن له نفس خصائص النتروجين العادى لكن تأيينه قد يكون أفضل حتى ﻻ ينشئ روابط مع عناصر أخرى فى الرئة فهو نظير نشط ،من الممكن صناعة جهاز يؤين الهواء هو فقط بحاجة لقمع ،مدخرة طاقة، ﻻصق ذكي( المسمى أبو بريص بلمسه يلتصق بالسطح بقوة غراء خيالية وبلمسة يمر على السطح كالحرير) وضع في المدخرة قضيب معدني أخذه من رفش ألصقها بالقمع وأخذ بضعة مدخرات أخرى من التي توضع تحت اﻷنابيب وتسلل إلى الخارج.
استمرت رحلات ﻻمي إلى الخارج لكنه لم يجرؤ أن يتوغل بعيدا أو لم يرغب في ذلك، كان يجلس متأملا السحب والسماء والشمس والنجوم،و يسرع إلى النفق إذا اشتدت الرياح أو شعر بقطرات مطر أو ندى.


هروب من الجاذبية

يفيق ﻻمي على رائحة الحريق،يسمع صوت خلفه يقول:لقد بدأت باستعادة وعيك لكن لن تستعيد السيطرة على جسدك بشكل كبير إلا بعد ساعة، حسنا ﻻمي أنت تشك، هذا طبيعي إذ ينقصك تعلم اﻹيمان بقدرات الغرباء،فأنت تترك الطيب، و ﻻ تنام على موجات محاكاة الحواس، حتى الهولوجرام ﻻ تتابعه بالتزام،لذا دعني أريك ، دعني أثبت لك.

ينتزع الغريب الغريب جزء من بشرة ﻻمي قليلة القشور (لسكان اﻷقبية بشرة كثيرة القشور) ،يتألم ﻻمي بشدة، يتابع الغريب كلامه:انظر إلى جسدك كيف يتفاعل مع النار، لم تراها من قبل لكن اﻷمر يتعدي الرؤية سنجعلك تشعر بها .
يلقي الغريب القشرة في النار فيشعر ﻻمي بها وهي تحترق، إن دماغه المعرض لموجات محاكاة الحواس تكيف ليتعامل مع القشرة كأنها مازالت متصله بخلاياه العصبية.
الغريب:هل هذا ما تتساءل بشأنه (يستخدم طرفيه العلويين ليشير إلى تضمين الكلمة معنى آخر)؟اﻷلم؟أرجو أنت تكون إجابتي شافية لك.
يدير الغريب جسده كمن يشيح بصره، ولكن ﻻمي يتحرك بسرعة كبيرة فيصدم بكتفه قائمتي الغريب ، لقد استعاد السيطرة على جسده بسرعة،(خلافا لتوقعات الغريب) ينطلق ﻻمي مسرعا ،يحرك نظره فى اﻷرجاء بحثا عن أي مركبة ، ﻻ يرى أحد حوله المكان فارغ و ﻻ يوجد من يتبعه ،يشعر باﻷرض ترتفع أمامه كما لو كانت تطوى كجسر متحرك يرتفع ﻷعلى ،هل يعدون له مصيدة ؟ 

تنزلق بعض اﻷلواح التى تبدو خزفية لكن صلبة كالمعدن، إنها تشبه أرضية المكان يتجه أحد اﻷلواح نحوه ويصدمه ،ينزلق إلى أسفل ، تخرج من اﻷرضية خلفه عدة اسطونات تخرج غاز و صواعق كهربية يتمسك ﻻمي باللوح الذي يدفعه نحو الشرارة ويحركه ليصطدم بمنتصف اﻹسطوانة و يضع يده خلف فتحة اﻻسطوانة التي تصدر الشرارات، يتمسك بما في داخلها فينزعه بقوة ،لقد علم أنها مدخرة فقد انتزع الكثير مثلها من قبل يضعها على اللوح و يمد اثنين من أليافها على جانبي اللوح فيحلق مرتفعا ،ﻻبد ان اﻷرضيات تنتج مجال كهرومغناطيسي يرتفع اللوح بضعة سنتيمترات ويستخدم يده كراكب أمواج يصعد نحو أعلى الموجة وقد تحولت زاوية التقاء اﻷرضية التي ترتفع بالحائط إلى منحنى يميل إلى اﻻعتدال ، غير أن الأرضية تمتد لتلتقي بالحائط ، يرى فتحه في الحائط كنافذة صغيرة ، يحرك اللوح نحوها ويندفع من خلالها ليهوي إلى أسفل.


يسقط ﻻمي إلى أسفل نحو هوة عميقة ، المدخرة التي ألصق أليافها باللوح بواسطة لصق أبو بريص التصقت بثيابه وجسده فقد فعل بعض الاصق خطأ( يفعل اللاصق بلمس جزء منه ، ﻻحظ ﻻمي هذا فأمسك ألياف المدخرة وأرجحها مع اللوح ناحية جدار الهوة الذي بدا هشا كفاية ليعلق به اللوح (يخرج من الجدار نتوءات تومض وتتحرك في مختلف الاتجاهات) أرجح ﻻمي اللوح ووجهه نحو الجدار..لكنه أخطأه، دار اللوح بلامي ليسقط في حركة دورانية للأسفل (يشبه أحد القافزين للغطس في اﻷلعاب اﻷولمبية ولكن مع اللوح ) يشد اللوح إليه ويجعله مقابل لركبتيه و يميل بجسده للأمام فيصير اللوح تحته ،ويستعد للارتطام،تزداد مع اقترابه من القاع حركة الهواء ، تدفعه الرياح التي تنبثق من أسفل بعيدا عن اللوح، بلمسه للاصق أبو بريص يحرر نفسه من المدخرة التي مازالت ملتصقه بجسده ، يطير ﻻمي إلى الخلف ، ثم ينخفض ضغط الهواء ليسقط ﻻمي على مادة رغوية .
لقد نجا سقط على مادة رغوية لها كثافة عالية امتصت المادة الصدمة ، تتحلل الرغوة من القوام اﻹسفنجي إلى بخار، ﻻبد أن تيار الهواء والرغوة إجراءات لحماية اﻷشياء الموجودة بتلك الغرفة ، لعل بصره لم يخدعه حين رأى الجدار يتحرك بعيدا عن اللوح الذي ألقاه ﻻمي نحوه آملا أن يشكل مرساة ،لابد أن بالغرفة اجراءات حماية عدة تحفظها من التلف أو التخريب.

السائل اللاودي

أسفل الهوة الجو شديد البرودة ، تتحرك سوائل مضيئة بأطياف مختلفة في الهواء حركة حرة كما لو كانت محمولة داخل قنوات ، محاطة بأنابيب شفافة تطفو السوائل في قنوات من الهواء وتتحرك فى أفلاك منظمة ، حتى إنه بعيدا عن مكان ﻻمي هناك قنوات تتحرك فى الهواء غير محاطة بأنابيب، يبحث ﻻمي عن مدخرات إنها اﻷداة الوحيدة التي يجيد استعمالها ،ﻻ يوجد شئ يتحرك باﻷسفل ،تحرك ﻻمي ناحية القنوات غير المحاطة باﻷنابيب ،لكن كلما اقترب منها تنمو أنابيب حولها ، ﻻبد إنها آلية حماية،  تتلاقى القنوات وتتعقد تغصناتها أكثر فأكثر، وهناك حيث يتحد أكبر عدد من القنوات يرى ﻻمي وحدات صلبة، قد يكون هذا السراب هو حبل النجاة للامي أو قل مدخرة النجاة، يسرع نحوها ، الوحدات الصلبة ﻻتشبه المدخرات، إنها أصغر و أقل سماكة و تبدو مصمته ،الجو يزداد برودة و يشعر ﻻمي بصعوبة فى التنفس لعل مستوى اﻷكسجين قليل هنا ،يحدث نفسه : ما هذا، إن اﻷنابيب تنمو لتحيط بالتعقدات ستحيط بي ينتزع إحدى الوحدات الصلبة ويجري بعيدا عن تجمع القنوات.

ابتعد ﻻمي عن اﻷنابيب التي تحيط بقنوات السائل، وبدأ يبحث عن مخرج اتجه نحو الجدار، الجدار مغطى بنتوءات مضيئة تتحرك إيابا وذهابا ، يبدو الجدار واحة حية تمتلئ بكائنات رقمية ، خطرت للامي فكرة، مادام الجدار تحرك بعيدا عن اللوح الذي حاول ﻻمي استخدامه كمرساة فمن الممكن أن يفتح ﻻمي كوة في الجدار،يبحث لامي عن اللوح وما إن يجده حتى يباشر المحاولة التي تنجح و تنفتح كوة وسط الجدار السميك.
 يترك لامي اللوح وسطه حتي يضمن أن تظل مفتوحة بعد أن ينتزع المدخرة التي لم تعد تحوي كثير من الطاقة ،يعبر لامي إلى بهو أرضيته منحدرة ينزلق لامي عليها ليصل للجهة اﻷخرى من البهو وقبل أن يصدم لامي الجدار يرتفع مفتوحا ليسقط لامي فيما يشبه مكان تتجمع فيه القمامة ،المكان به أنابيب مختلفة اﻷطوال واﻷحجام لكنها ليست كثيرة بالنسبة لمساحته ، تغطي اﻷرضية مادة لزجة سمكها عدة بوصات ،من الواضح إنها مكان تجميع المخلفات التى تنضح من غرفة السائل الاودي لذا يتسرب باستمرار سائل يتبخر أغلبه بمجرد أن يلمس جدران الغرفة الملساء ثم ينزل ليختلط بالمادة اللزجة.


اﻹضاءة جيدة لكنها غريبة كما لو أنها تختلط بضوء الشمس ،نعم هناك أسفل الجدار كوة صغيرة يتسرب نور الشمس من خلالها ، تلك هي المخرج ، لكن كيف سيفتحها .
يحضر لامي أنبوب قصير ويملأه بالماددة اللزجة ،يفعل المدخرة ويضعها في الأنبوب ويحكم إلصلقه بالنافذة بواسطة لاصق أبو بريص ،يسمع صوت تشقق فيتحرك للوراء،ينفجر اﻷنبوب ويترك ثقبا في النافذة ،ثقب صغير لن يسع لامي،تتغير اﻹضاءة في المكان و تنزل نافذة أخرى من فوق النافذة المحطمة، لكنها تتوقف إلى أن تزال النافذة المحطمة، هذه فرصته للخروج يتحرك سريعا بينما تزال النافذة المحطمة آليا ،لقد أصبح في الخارج .

يتسلق نزولا من على سطح المبنى ويبتعد عن مدينة الفئران.
 كم هى هائلة مدينة الفئران إذا غربت الشمس خلفها أظلمت السماء.بينما يخفت ضوء النهار يبحث لامي عن مأوى، يعرف أن الجو سيكون باردا ، يتجه نحو أهل اﻷطلال ،يتسلل إلى الداخل ببطء ،يجد أشكال غريبة من اﻷسرة و المقاعد ،لم يبتعد عن مدينة الفئران هكذا من قبل ، ربما يجد هنا ما قد يستخدمه فالمكان مليء بالوحدات اﻹلكترونية القديمة ،أغلبها محطم ،يتناول وحدة بها مخرج يشبه طرف الوحدة الصلبة التي أخذها من غرفة السائل الاودي لقد أوشك أن ينسى أمرها ،يحاول دمجهما معا  لا لن يتناسبان، يخرج ضوء من الجهاز القديم يمسح الوحدة الصلبة ثم يعدل المخرج ليناسبها، يتعجب لامي من كفاءة الجهاز و يضعه على مقعد فيخرج الجهاز صورة هولوجرافية.


حكومة المسخ


وضع لامي الجهاز على مقعد ليخرج منه صورة هولوجرافية بها عدة رموز رقمية ، و طلاسم ، يحدث لامي نفسه :لا فائدة منه.
تخرج صورة فرعية مكتوبة باﻹنجليزية (التي يعرف عنها لامي القليل) تحويل من لغةc++ الى لغة التجميع ،لا يفهم لامي شيء ولكنه يلمس موافق فتتمدد الصورة بحجم الغرفة وتظهر نافذة صغيرة لاختيار اللغة ،بعدما يحول المحتوى للعربية يصدم لامي كثيرا ،انها معلومات تاريخية حتى لامي لم يكن ليصدقها لو قرأها في إحدى اﻷوراق،إليكم موجزا لما ظل لامي يتصفحه ليومين متتالين.


"منذ أعوام كثيرة استخدمت الحكومة الذكاء الصناعي في برنامج للسيطرة على بيئة العمل ،بالطبع اعترض الكثيرون لكن صوت السلطة كان السائد،اثبت البرنامج نجاحه فزادت اﻻنتاجية ومعدل الاستثمار و التوظيف ، تمكن البرنامج من توفير بيئة عمل هادئة و طيعة دون جهد بشري في إدارتها ،حلم لرأس المال و إثبات لصواب الحكومة، لكن لكل شيء عيوبه فقد رافق زيادة اﻹنتاج و جودة المنتج ضعف في اﻹبداع، لم يكن شأنا كبيرا فقضاء البرنامج-الحكومة على البطالة كان اﻹبداع اﻷقصى. 
دخل البرنامج المؤسسات المالية و التعليمية ، و أصبح مسيطرا على كافة مستويات اﻹدارة . 



"غير أن ثمة تحدي عرض لذلك السيد الجديد فقد ظهر صدق احتمالية طالما راهن عليها الكثيرون ليس سكان الأرض المسيطرين الوحيدين على الكون أما وقد أعدوا عدتهم وخلقوا مسخهم آن الأوان لتسليمه القيادة كيف سيتعامل مسخ فرانكنشتين مع الوافد الجديد الذي مكنه ذكاؤه من الوصول الينا أولا ـ لقد كان له السبق فهل يكون لنا النجاة ـ لقد عاش البشر ونمت عقولهم في عالم تسيطر عليه عيونهم و لما كان منهم أصحاب بعض العقول الفذة التي أبصرت ما تعمى عنه الأبصار بمعادلات و حسابات كان لابد لوارث رقمي يرى ما لا نراه يرى الاحتمالات التي تتعدى قوانين عقولنا ، كان الوارث الكمي صنعة البشر وسيدهم الجديد والمدافع ضد غرباء أتوا من بعيد ليزيدوا من شعورهم بعدم السيطرة .
لقد اعتدنا الظن بأن وعينا يحوي العالم ، الآن و قد تبين لنا أن وعينا لا يسيطر حتى على نتاجنا نشعر كقطيع من الحيوانات المفترسة التي حصرت وهي تصاد و تقلب أعناقها تتلمس النجاة دون جدوى؛ لقد انهار البناء الجمعي لعقلنا و رضينا بأن نكون عبيدا بعدما ظننا أننا آلهة".
بتلك الكلمات انتهى نص في يصف الوضع كتبه أحدهم بدا الأمر كرثاء لكن القصة مازالت في بدايتها، هل بذلك قتل المسخ صانعه ؟تسائل لامي هل تلك الحكومة (حكومة فرانكنشتاين) ،مازالت موجودة؟
أكمل لامي المشاهدة
كانت أنباء الغزو تملأ اﻷجواء كما ملأ الغزاة الجو بنظير لغاز النتروجين الذي لم يعلم بعد تأثيره على الكائنات الحية و ما إذا كان ممكن تنفسه دون تأثيرات قاتله،كان الحل في بناء اﻷقبية  كملاجئ ،وفر البرنامج مقومات الحياة،لم يعكر السلام داخل اﻷقبية سوى البطالة والحبس .
وضع البرنامج خطة للاستقرار ،لقد أبدع الذكاء الاصطناعي حقا تلك المرة، ثبط المحفزات وخفف الدوافع عن طريق تعديل كيمياء الجسد ،اصبح الغذاء و الهواء معبئا بعقاقير التثبيط ،إضافة إلى البرمجة العقلية بواسطة أجهزة تحفيز الحواس.
تم تخفيف الدوافع في اﻷجيال المتتالية تدريجيا حتى لا يتقلقل الاستقرار بصدام اﻷجيال ،أشبع البرنامج الرغبات المخففة دائما ،كلما خفت الدوافع و قلت الحوافز كان عمل البرنامج أسهل و السيطرة على اﻷفراد أسهل.
صار يتم تخصيب النساء معمليا للحفاظ على النوع بعدما عزف الأغلب عن الممارسة الجنسية ،تم تعديل المواليد جينيا لملائمة أكبر للحياة داخل اﻷقبية ،لم يفهم فكرة تزويد اﻷجنة بأذناب ما فائدتها ؟ لعلها مزحة من البرنامج.
بعدما أصبحت السيطرة على سكان اﻷقبية قليلي الدوافع،اعتمد البرنامج سياسة عزل اﻷفراد الذين يظهرون تميز من حيث الحافزية أو الاستجابة لآليات البرنامج ،كان يتم تصعيدهم فوق، كان المبرر انتخاب اﻷفراد المميزين لإيجاد حلول وتنشئة جيل جيد يواجه اﻷزمة.
قل عدد الصاعدين فوق وزادت وظيفة البرنامج سهولة ،لكن لكل وضع سلبياته كان البرنامج يزداد رتابة، بدا أنه يخمل هو اﻵخر ، صار البرنامج يتبع صيغ ثابتة، و يجتر برامج أولية تشبه التي سبقت ابتكاره.
لقد ارتاح الجميع لترك مهمة مواجهة الغزو ﻷفضل أجهزة الدولة والذي أصبح اسمه برنامج مواجهة الغرباء .
يتوقف لامي عند ملفات مواجهة الغزاة يحاول فتحها لكن يخرج اشعار يفيد عدم قدرة المشغل على التعرف على لغة اﻵلة.
استطاع المشغل إظهار ملف من كلمة واحدة (محو اﻷنماط ).


بينما يتابع لامي اكتشاف الماضي يسمع صوت بالخارج،إنهم الغرباء-الحراس ،يجب أن يهرب، يجري بخطوات رشيقة يجد سلم ،ينزل نحو اﻷسفل إنه مرأب واسع ،لا مكان للاختباء ،ثمة غرف في الناحية اﻷخرى تحت لافتة مكتوب عليها مخازن، يجري نحوها لكنها مغلقة ، وثمة شاشة تبدو كقفل الكتروني ،فى حركة رعناء يمسك قضيب من اﻷرض ويحطمها ..تخرج بعض السلوك ،أحدها موصل بناقل بيانات،يوصله لامي بالجهاز الذي معه،الجهاز مازال موصلا بالوحدة الصلبة التي أخذها من غرفة السائل اللاودي ، تظهر نافذة تطالبه برقم التعريف وبصمة العين بينما تظهر نافذة أخرى مكتوب عليها مسح الأرشيف ، لابد أن الوحدة الصلبة بها أرشيف للأشخاص الذين كانوا هنا.
يفتح الباب يتحرك لامي للداخل ولكنه يعود سريعا ويحطم بعض اﻷقفال اﻹلكترونية اﻷخرى ،يضغط على عدة أزرار ليغلق الباب ،تنجح محاولاته أخيرا.ينتظر طويلا ،من الواضح أن الغرباء-الحراس لم يدخلوا المبنى يتجول في المخزن ليجد رف مكتوب عليه مدخرات نانونية.


محو الأنماط 

لابد أنه مهووس بالمدخرات يجمع الكثير منها في حقيبة باﻹضافة إلى بعض العلب مكتوب عليها لاصق خارق وبعض المسامير،ويخرج باحثا عن غذاء لن يكون ذلك مستحيلا فقد وجد ماء و طعام من قبل خارج اﻷقبية ، كان ينقي الماء باﻵشعة و الكربون (الكربون متوفر في حمامات اﻷقبية و مصابيح اﻷقبية يمكن تعديلها لتعطي أطوال موجية مختلفة؛ لذا استطاع التعرف على ما وجده هناك ) أما الطعام فثمة نبات له زهرة صفراء كان يمتص رحيقها (نبات السمو ) وشجرة كان يأكل براعمها الطلح 
وجد لامي بعد مسيرة طويلة شجرة الطلح ، لكن أجفله ما رآه بجوارها شبح لشخص يمكن وصفه هكذا:
"رأسه مغطى بنسيج أحمر كثيف ،يمتد خارج من النسيج نسيج أبيض رقيق يغطي وجهه ، بينما تطوق جبهته مادة سوداء سمكية كالمطاط يبرز منها شاشتان صغيرتان ،يستخدم اﻷولى كماسح هولوجرامي موجه نحو الشجرة، أما الثوب الرمادي فأكمامه مثلثة، مسدل حتى الركبتين ،فاتح اللون ،مربوط الى الخصر بحزام سميك معلق به أدوات مختلفة ، فى وسط الحزام قطعة معدنية معقدة التركيب .
تحت الثوب بنطال من قسمين :اﻷسفل من الركبة إلى الكاحل باللون اﻷسود ومن مادة جلدية سميك ،والنصف اﻷعلى من البنطال أكثر اتساعا بلون رمادي متصل بالحزام ،فوق تلك الملابس عباءة بلون أحمر باهت من نسيج متماسك تبدو كأنها تجمع أجزاء الثوب الغريبة سويا .
يحرك الشبح رأسه ناحية لامى-لا ليس مرة أخرى-يمد يده نحو الحزام و يصوب نحو لامي فيخر صريعا.

في مشهد ديجافووي(مكرر )يفيق لامي مقيدا ،لكن إلى سرير غير مريح ، تقع عيناه على مشهد لأشخاص لم يخبرهم من قبل كآلهة الغرباء كما تخيلهم وجوه ملساء على جانبيها شعر كثيف، يقول أحدهم الذي كان ذا عينين غائرتين لم ير لامي أحد تقبع نافذة روحه في مقع أبعد من هذا ـ اذا استثنينا الغرباءـ  تلك العيون الفاحصة تخترق روحك وتسبر أغوارك كان طويلا أو هكذا بدا للامي  : إذن عزيزي "أيهم" هذا هو شكل كائنات اﻷقبية.
"أيهم"
الذي بدا صلبا للغاية ، صدره شديد الاتساع يده ضخمة و أصابعه غليظة لكنها ملساء ليس أطولهم لكنه بلا شك أشدهم بأسا ، يفرز بعض بطاريات النانو و يضع بعضها داخل ما يشبه المقابض يرد:   نعم كائنات مقززة تشبه الفئران ،أمعن النظر إليها "خزام" لعلك توقف ترهاتك عن كونهم يستحقون اﻹنقاذ ،لقد ركنوا إلي الغرباء وعبدوهم.

خزام: إنه هارب منهم، لعله يستحق اﻹشادة ، فبعد تسميمهم لدماغه ،وتغييرهم لخلقته ،استطاع الهرب.
يتكلم شخص آخر بينما يحاول تهيئة الوحدة الصلبة التي كانت مع لامي ليدخلها أحد اﻹجهزة،يقول: و لما يهرب ويترك حياة الدعة والرغد ،إنهم لا يتكلفون مشقة ولا يشعرون بألم ،ربما طردوه .قال ذلك بعدما نجح في تنشيط الوحدة لكن لم يستطيع فتح ملفاتها لوجود رقم تعريفي وبصمة عين ، يقول بعدم اهتمام:لا فائدة منها.
ثم يدخل أحدهم ويقول احملوه إلى "أوس". 

 يحمل لامي إلى "أوس" الذى يتوسط الحجرة على مكتب معدني فوق منضدته قفازان معدنيان كبيران يخرج من برامجهما فوهات صغيرة ،يبدو أنه يصلح أحدهما ثم يرتديه فتدخل الفوهات ويتحرك المعدن في القفاز حركة آلية لتتغير ويصبح أصغر و يخرج من معصمه مدفع صغير،يوضع لامي أمام "أوس" الذي ينظر للآخرين في حين يوجه كلامه للامي :لا أعلم إن كنت ستفهم كلماتي ،لقد خبرت أمثالك من قبل ،تتكلمون بلسان قريب من لساننا .
ثم يمسك الحقيبة التي كانت مع لامي ويتابع:أراك تجمع أدواتنا،ما حاجتك بها ،ألا يكفيك الغرباء حاجتك، ألم تركنوا إليهم لتنعموا بالراحة وخلفتم الدمار وراءكم، لم تسرقون من مخازننا؟
تتابعت كلمات أوس دون أن يجرؤ أحد على مقاطعتها ، لم يكن "أوس" ينظر إلى لامي لم يهتم أحد به كانت كلمات "أوس" خطبة، لم يكن في الأمر استجواب ، لكن لامي الذي واجه مخاوف كثيرة الى اﻵن قادر على وقف سيل كلمات أوس، فقاطعه قائلا :لست تابعا للغرباء ،لقد واجهتهم وهربت منهم، لم آتي لسرقتكم بل للانضمام إليكم ،لدي بعض المهارات التي قد تفيدكم ، ومعلومات قد تنفعكم.
كان رد لامي مدهشا للجميع لم يكن لفحوى كلماته أثر كبير بل مجرد خروجها منه كان صادما،نظروا مشدوهين كأن الكلمات خرجت من حجر.
تكلم "خزام" الذي بدا كشخص تواق للاهتمام شخص يظن أن لديه حقا ما يقوله :لقد واجه ذلك الكائن الضعيف الغرباء دون خوف، إنه يؤمن أنه يستطيع قهرهم.
يقاطعه "أيهم": بربك خزام تتكلم عنه كأنه من أهلنا.


قرأ لامى كلمات ك"أهل" و "رب" من قبل و لكن لسماعه إياها وقعا آخر ، بدا أنه رأى ما قرأه في الكتب و واقعه و لمسه لقد بدا الموقف له كتحقيق نبوءة. 
وبينما يفكر في تلك الكلمات خاطبه "جرير"  و كان يبدو أسنهم أو أكثرهم فقد بدت أسئلته كأنها تسير في طريقها الى الأجوبة ، يعرف بما سيبدأ وكيف ينهيها، قال :كيف هربت من الغرباء.
حكى لامي ما حدث بينما ينظر إليه خزام بإعجاب ،ويتجاهل حديثه "أيهم" و ينظر إليه "أوس" شزرا،إلى أن أوقفه "جرير".
جرير: هل تريدنا أن نصدق أنك قادر على تدبير كل تلك الحيل؟ كيف أقنعك الغرباء بالمغامرة بنفسك؟لابد أنها موجات الدماغ ،يحسن أن تعترف بالحقيقة إذا كنت ترغب بالعودة إلى اﻷقبية .
أوس :ليس لدينا هنا عذاب حقيقي فحسب بل لدينا مستويات من العذاب.
تدخل إمرأة لم يستطع لامي أن يراها من مكانه ،تقول:أعفوا عن الكائن المسكين.


أوس:يجب أن نسلمه لحراس اﻷقبية ، و الا زحفت تلك الكائنات على مخزوننا و بددته. 
خزام غاضبا :هل نعمل لدى الغرباء ؟أنسلم لهم من يعارضهم بدلا من إنقاذه؟
جرير مصعرا وجهه:لن يسئ الغرباء لجاسوسهم، وحتى إن كان هاربا فلن يلحقوا به أذى .
خزام: وهل هناك أذى أكبر مما هم فيه؟لقد قطعوا أنسالهم ،و شوهوا خلقتهم ،و حرموا عليهم ضوء الشمس و نسيم الوادي .
"أوس" بحزم:جرير و "أيهم" احملوا الكائن لبوابة اﻷقبية .
يتحرك اﻻثنان ليضعوا لامي على مركبة بأربعة محركات صغار بحجم كرة القدم ،تركب المركبة كالدراجة و لا تحمل أكثر من ثلاثة أفراد ردف بعضهم ،يوقفهم خزام ويناولهم أدوات لتفكيك وجمع الدراجة كي يطيلوا متنها ويزيدوا من عرضه لتحمل لامي المقيد معهم، تسقط من خزام بطارية نانو ،يمد لامي يده نحوها يسحبها ثم يحك يده القشرية بسريره المعدني ،يبصق على طرف البطارية ويضعها مكان اﻻحتكاك  ـ الاحتكاك يسبب كهرباء استاتيكيية ـ ثم يلقي بها ناحية محركات المركبة محملة بشرارة تكبر حتى تسقط على كابل التوجيه و التغذية فيندفع المحرك حاملا المركبة للأمام ـ على الرغم من أن غرض لامي كان تفجيرها ـ  التي تجر معها جرير و "أيهم" يجري خلفهم خزام ، يعتدل لامي ليجد مقبضا كان "أيهم"يوصل به بطارية نانو ليصدر بلازما ضعيفة ،يقطع لامي قيودة المعدنية بحذر ثم يركب إحدى مركباتهم الطائرة ،يهرب مرة أخرى، حقا(ديجافو ) ،لكنه لن يهيم هذه المرة فوجهته مدينة الفئران لابد أنها قدره ،" لن يتحرر لامي إلا بالعودة لسجانه".


حمل لامي على المركبة قدرا كبيرا من بطاريات النانو وبعض مقابض البلازما، انطلق لامي نحو مدينة اﻷقبية وانتطلقت داخله مشاعر الغضب بعدما علم أنه لا مهرب من مواجهة الغرباء-الحراس ، لقد أنهى البدو حلمه بالانضمام لعشيرة حرة خارج أسوار اﻷقبية، يتردد صدى كلمات خزام في آذانه ،أي ضنك أخضعوهم إليه ، لقد وطئوا جوهرهم و جردوهم من أرواحهم ، أطعموهم حنظلا حتى استطابوه ، مسخوا أجسادهم ، و اقتادوهم من أنوفهم .
دارت خواطر اﻷلم داخل عقل لامي حتى استطاب مدارها ، لقد صار مركز فلك آلامه ، لقد قيل له مؤخرا أنه يتشوق للألم(مازوخي ) ،لكنه تيقن أنه يتحرر به من محرقة النفوس داخل اﻷقبية، لن يطلب لامي اﻷلم بعد اﻵن ،فقد أصبح هو وجه اﻷلم ،حاد-متأجج -مخترق-سريع الوصول و ذو حراشف.
لكن أولا يحتاج بعض الطعام يجمع بعض الرمال و الماء فى أوعية ويأكل بعض براعم شجرة الطلح ويتحرك نحو النفق الموصل لمدينة الفئران النفق الذي خرج منه أول مرة ليتنسم الهواء الجاف للسيادة ، يعود ليس كعبد و لكن كضد.
وصل لامي إلى النفق ،ترك المركبة بالخارج أخذ الحقيبة جمع بعض أكبر البطاريات بمحول طاقة ،يجمعها بأنبوبة قطرها عشر بوصات و ارتفاعها قدم ،يجب أن تملأ بنظير غاز "أنون أكتيوم"الخامل(يعرف من أين يجمعه)الذي يتحمل شحنه بكمية هائلة من الطاقة قبل أن تتحرر ـ وبذلك يكون الانفجار أكبرـ
يتسلل لامي داخل اﻷقبية ،يبحث عن كنان ، بعد طول بحث و بعد أن تسلل بحذر لا خوف يجده متفاجئا به ،غاضبا للغاية، كان لمشاعر كنان نتيجة واحدة "احتضان لامي " .
لامي: لايوجد وقت للحديث ،أين سديم؟
كنان:و لكن ..ألم يشرحك الغرباء ؟
لامي :بلى لقد شرحونا جميعا، آن اﻷوان لرد صنيعهم.
قطع حديث لامي تغير في اﻹضاءة و ظهور الغرباء،يخرج لامي مقبض بلازما و أنبوبه رفيعه ،يخرج من جيب كنان  لاصق أبو بريص يجمع اﻷنبوب بالمقبض و يفعل البلازما ليخرج وميض من الغاز الملتهب.
يوجهه نحو أحد الغرباء-الحراس  الذين يتحلقون حولهم يرمي لامي ببعض الرمال في الهواء ويسكب المياه على رأسه ورأس كنان آملا أن يحميهم هذا من الموجات الدماغية ،يقترب الحارس من البلازما ،تصدم البلازما سترته المعدنية محدثة قوسا كهربائيا دون أن تؤثر به،يلوح لامي ببارقه بيينما يضيق الخناق عليهما ،تلمس البلازما فاصل مطاطي فتطاير اﻷطراف و ترتفع الخوذة لتسقط بين قدمي كنان.
بدت البذلة فارغة كأنها معبئة بالهواء ليس ثم أية رفات متناثرة ،تراجع الغرباء-الحراس وتجمعوا بعيدا كأنهم في انتظار تعليمات.
جرى لامي و كنان في اﻹتجاه المعاكس بحثا عن سديم، عندما رأت سديم لامي ممتشقا بارقه البتار لم تتمالك نفسها وكادت تهرب لولا أن المفاجأة صعقتها، قال لامي: خذيني إلى أحد المصاعد.
لم تنفع توسلات سديم التي انصاعت له بمجرد أن رأت خوذة الحارس بيد كنان.
توجه الثلاثة نحو مخرج في نهايته باب معدني كبير يقف عنده حارسان ،لم يكن صعبا على لامي التخلص منهما،استخدم لامي مقيض البلازما لكسر القفل ، وجهتهم سديم إلى الداخل حيث تم شفطهم ﻷعلى ،وصلوا لبهو يشبه البهو الذي هرب خلاله من قبل ،طالب لامي سديم وكنان بتفقد النوافذ ليعرف أيها تطل على هوة عميقة،بينما توجه إلى ما يشبه منضدة معدنية فقطع قوائمها و حمل سطحها ليصل بها مدخرة ، لابد أنه يتوقع أن تتحرك اﻷرضية كما حدث من قبل ،تصيح سديم قائلة: لقد وجدت ضالتك.
يجري الذكران نحوها بينما يجر لامي اللوح الذي شذبه بالبلازما، يدخل من أحد المنافذ مجموعة من الحراس ،تبدو ستراتهم مختلفة إنهم أكبر حجما من بقية الغرباء-الحراس ، من الصعب أن يخترق سيف البلازما تلك البذات،يوجه الحراس بنادف صاعقة نحوهم لكن لامي يتمترس باللوح ،ويطلب من سديم اﻻختباء بفتحة النافذة، تنفذ سديم ذلك رغم عدم منطقية الطلب لكن في تلك الفترة بدا أن المسلمة الوحيدة هي لامي. 
ما أن تضع قدمها حتى يدفعها لامي لتسقط ﻷسفل الهوة ،ينظر له كنان نظرات حائرة، يقول له لامي عليك أن تتبعها ،إن لم تثق بي ثق بهذا(مشير لبارقه البتار ) ، ثم يوجه سنانه نحو طرف اللوح و يلمس بالطرف الساخن جسد كنان الذي يقفز من اﻷلم و يتعلق بالنافذة ، يدفعه لامي بيد بينما يمسك بيده اﻷخرى ترسه اللوحي ليلحق كنان بسديم.
عليه مواجهة الحراس ليصل إلى غرفة السائل اللاودي، أخرج مدخرة من حقيبة ظهرة ،فعلها و ألقاها نحو أحد الحراس الذي التقطها ، نزع لامي لصق أبو بريص و زاد من حدة البلازما ،ألقى المقبض نحو البطارية و لكنها سقطت بعيدا عنها (إن الحوادث تثبت أنه لا يجيد التصويب ) ،يرفع أحد الحراس مقبض البلازما يحاول إغلاق البلازما لكن يرفع من حدتها حتى تلمس البطارية في يد الحارس للتتناثر القطع المعدنية و يطير لامي مصطدم بالجدار و سقط يكاد أن يفقد الوعي ،دفع نفسه نحو النافذة وتبع كنان و سديم إلى غرفة السائل اللاودي .
تبخرت الرغوة التي تلقته ،أخرج الجهاز المعبأ بغاز "أنون أكتيوم"الخامل فعل المدخرات وأسرع نحو أكبر تجمع لتغصنات السائل ثم ألقاه وسطها قبل أن تغلف الأنابيب السائل ،أخرج لامي من الحقيبة مقبض بلازما وفعله و ألصقه باﻷنابيب ليحرص على أن تظل اﻷنابيب حول الجهاز و السائل.
يسرع السكان الثلاثة نحو مستودع المخلفات يستخدم لامي السائل اللزج لفتح كوة كما فعل حين هرب من هنا آخر مرة تفتح النافذة ويدفع سديم إلي الخارج ، لكن يبدو أن النافذة البديلة تغلق أسرع وبقوة أكبر من المرة السابقة ، أعد لامي وحدة جديدة لفتح النافذة مرة أخري لكن يبدو أنها لا تتأثر تبدو أمها أمتن وأصلب ، يجرب نافذة أخرى ، إنها التي فتحها حين سقط هنا وحده،إنها التي تقع بالوسط ، لا فائدة أيضا (لابد أن النافذة البديلة تكون أصلب ويتعذر تدميرها ) لم تتبقى سوى نافذة أخيرة لم تتعرض لمحاولات لامي ،هذه الفرصة اﻷخيرة ، يجب أن يسرع كنان و لامى بالخروج قبل أن تنزل النافذة البديلة ،تنجح المحاولة و تخرق النافذة يدفع لامي كنان بقوة ينزلق للخارج في حين قدمه اليسرى مازالت عالقة بالداخل تنزل النافذة البديلة بسرعة كبيرة و حدة لتبتر قدمه ويغشى عليه ،تصرخ سديم و تطرق بقوة على النافذة ، يحاول لامى تحطيم النافذة بكل الحيل دون جوى، اﻷلم يعتصر قلب سديم ،لم تظن أن هناك شىء يمكن أن يطعنها من داخلها ، يخترق اﻷفق متحركا نحوهم مركبة تحوم ثم تنزل بجانب كنان المبتور ،إنه خزام لقد تبع أثر لامي بعد أن ساعده على الهرب من أوس و جماعته ،تبعه حتى وجد المركبة و لكن لم يلاحظ النفق الموصل للأقبية.
تحكي له سديم ما حدث ، يحاول إخراج لامي بينما يقول: لامي أيها اﻷحمق إنها خلية ذكية واحدة من آلاف خلايا مدينة الفئران.
يرى خزام وميض فيحمل كنان وسديم بعيدا.
بينما يتمدد الوميض مبتلعا هذا الجانب من مدينة اﻷقبية وفي وسطه لامي، لقد صدقت نبوءة لامي ، فقد وجد حريته في محبسه ، و كان هلاكه على يديه.

هروب من مدينة الفئران

اْنه العام .......وقد تغير العالم كثيرا أو لم يتغير اﻻمر منوط بعين الرائي ، فبينما يستقبل البعض كل جديد بأمل و انبهار ، يراه البعض مجرد طور أو مرحلة فى الطريق الى الزوال ثم الظهور فى زيارة أخري.
المشهد فى مدينة الفئران مظلم لكنه ساحر بعيد عن اﻻفق ، آمن ليس ثمة شواطئ و ﻻ سحب ﻻنجوم أو نيازك .
نحن نعيش أزمة موارد ، خاصة الماء ؛ لذلك نعيد تنقية مياه الصرف ، ﻻ تتعجب نعيد تنقيتها انها تستخدم عدة مرات حتى تصبح غير صالحة للتنقية . إنها أزمة مستنصرية حقا ، ﻻ تتعجب من مصطلحاتى التاريخية فأنا فى أزمة أخرى ، مريض بالحنين إلى الماضى ،كم أخرنا التشبث بالماضي ذلك التراث الذى لفظه الجميع ليتحرروا و مازال أمثالى يحاربون طواحين الهواء .
هه..  حبذا لو وجد هواء يحرك الطواحين  ، فى مدينة الفئران الهواء هنا ثقيل سميك أما الرياح الخفيفة فقريبة بعيدة يصعب الوصول اليها ويستحيل اﻹفادة منها إﻻ إذا كنت فى عمل ، هذا للساعون الجادون أما المتخاذلون مثلي فيطلبون مئونتهم من المخلفات التى تأتى من فوق أو ينتظرون وجباتهم بعد نهاية يوم من العمل في المجارير إنه العمل اﻷكثر انتشارا هنا ويتم توظيف جميع سكان اﻷقبية تقريبا في نفس الوظيفة، إن العمالة هنا تفوق الحاجة بكثير لكن الغرباء ﻻيرغبون في تسريح هؤﻻء إنهم بطالة مقنعة يتحركون ببطء بأجسادهم الهزيلة وبطونهم المنتفخة .
لقد اقترب (ﻻمى)* هذا المتحذلق الذي خرب عقلي ، ما حدثته مرة حتى أنسانى الحق و خلط التعاليم التى تعلمتها وحفظتها لن أجعل أيا من كلامه يسكن رأسي يقرأ أوراق قديمة وهل هناك من يقرأ اﻷوراق في عصرنا هذا  ، ليس ثمة إنسان يعرف رموز تلك اللغة البائدة_أقصد المكتوبة_ يكفينا اﻵن أن نتواصل بالصوت بل صار من الممكن ايصال اﻷفكار للدماغ مباشرة يستطيع الغرباء فعل هذا و أكثر.
ﻻمى: صديقي( كنان)* .
كنان: هلا صنعت مجرفة يا( ﻻمي).
ﻻمي:ﻻ أستطيع.
كنان:إذن اصلح المحبس.
ﻻمى:لست بارعا في ذلك.
كنان:و فيم تبرع إذن؟ في اﻻبتعاد عن العمل والمفاخرة ببطنك المسطح.
ﻻمي:ﻻ آخذ إﻻ حقى من الوجبات ، ﻻ اتسلم الطيب و ﻻ السماعات الحسية لذا فأنا أعمل على قدر أجرتي.
كنان:ﻻ أدري كيف تنام دون السماعات ودون الطيب كيف تتحمل الرائحة.
ﻻمى:كلاهما سواء.
كنان:ماذا؟!!
ﻻمى:رائحة الهواء هنا وطيب الغرباء يؤذيان البطون أنا أتنفس هواء جافا ليس لزجا رطبا كهواء اﻷقبية .
كنان: ومن أين لك بالهواء الجاف هل فى اﻷقبية هواء جافا؟!
لامي: من خارج اﻷقبية .
كنان: اصمت أتريد أن تودي بنا والله لتضيعنك ورقاتك هذى، تحرك و لتعمل نافعا فأحد الغرباء قادم ، أم أنك قرأت في أوراقك عنه أمر نجهله.
(لامي) بينما ينظر ﻷحد الغرباء :إنهم قادمون من بعيد لم يراهم قط كاتبو الأوراق.
كنان : لو رؤوهم لتركوا الرمز وللحقوا بنا، أنت تدعي أنهم قديما كانوا صلاب اﻷجسام دقيقي القد كما لو كنت تصف الغرباء والله ما تلك إلا أكاذيب انتحلها أحمق بل لعلهم دون أذناب أيضا.


(ﻻمي) يتحرك بعيدا عن موقع الغريب محدثا نفسه:هل كنان على صواب؟ أشعر بتغير في حركة امعائي وبشرتى إنها تتساقط حتى ذنبي أشعر به ينكمش .
ماذا لو لو تسممت؟ سيعرف الجميع سري سيتسائل الجميع كيف وصلت إلى  الخارج وتنشقت الهواء مباشرة ؟ اﻵن برح الخفاء وتبين غبائي لقد صدق الجميع وكذب تفكيري لماذا أثق بعقلي؟ الذي لطالما خذلني ، ألم أتعلم الدرس ؟ إن تذكر ما حدث يعتصر قلبي ،ﻻ سأطرد تلك الذكرى المؤلمة من خاطري .
كيف أقنعت نفسي بتنفسه و أنا أعلم كم تغير الهواء؟ لقد استبدلوا النتروجين بنظير يناسب أجسامهم ،هل صدق المذيع ؟ لقد قال إن التعرض للهواء الطلق يسبب تشوهات .
الكل يعلم هذا و ﻻ يفكر حتى بالتعرض له واﻵن أجني ما قدمته يداي.
ولكن ربما..ربما أصبح أشبه بالغرباء بأجسادهم  الرشيقة وحياتهم الطويلة لعل نساء المدينة يعجبن بي حتى الحسناوات اللاتي يستولدن و ربما أستولد إحداهن كخالي (ساري) .
ماذا أقول؟ أي وهم أرسمه و كم خيال أتعلق به إنه يحذر من تشوهات ـ يرفع رأسه و ينظر للمذيع ـ وأنا أصنع سرابي وأتبعه .
ماذا لو تمزقت أحشائي أو خرج ذنبي من رأسي؟ رأسي يؤلمنى اﻷفكار تتزاحم في هامتي الضيقة و أود أن أقطع ناصيتي ﻷطلقها ـ يلمس رأسه ثم يضع يه اليمنى حولها ـ كم أتمنى أن أطلقها إن انتفاخ الرأس أبغض إلي من إنتفاخ البطن.
إلى من ألجأ إلى الحراس سيصلبونني كالضفدع ويعبثون بأحشائى .
إذن أستسلم لمصيري ،أي مصير هذا؟ 
 سأذهب إلي أمي لقد كانت أم لخمس أنا أولهم وإن كنت أبدو أصغرهم.
يسير لامي مارا بعدد من الأقبية يلمح أمه من بعيد برفقتها شخوص ضخمة ، تبدو بذاتهم و خوذاتهم اللامعة من بعيد كتماثيل تخلد ملحمة على الرغم من حركتهم الواضحة الا أن ثمة جلال يحيط بهم يجعل من يراهم يظن أنهم في سكون..يحث لامي نفسه : ها هي ،إن الغرباء يحدثونها فهي من أكبر الناس عمرا في اﻷقبية .
الجو مظلم والمكان ضبابي رغم وجود إضاءة صناعية قوية ، الا أن لزوجة الهواء تجعل الرؤية مشوشة.
المكان نظيف خال من أي نوع من أنواع العفن و لكن رائحة العطن تملأ المكان ﻻبد أن الرائحة مصدرها الكتلة الحية في المكان ـ أقصد سكان اﻷقبية ـ  فاﻷنابيب محكمة الغلق عالية التقنية تجعل مجرد الظن بوجود تسرب وهم وجب طرده .
إن اﻷراضي شمعية الملمس دافئة لها قوام عشبى مخملي بعيدة عن صلابة الجدران اﻹسمنتية و وعلى الرغم من ذلك ﻻ تلتصق بها الرائحة أو اﻷوساخ ،المكان يمتلئ بتقنيات تدفع الجميع للشعور بالدونية واﻹحباط وشعور آخر يصعب تسميته لكنه قريب للغربة ، فكل أساسيات المعيشة تعتمد على تقنيات معقدة يستحيل على سكان اﻷقبية استيعابها .
الشوارع واسعة تتفرع منها ممرات تسير مع أنابيب شفافة جدرانها من مادة أشبه بالزجاج لكنه زجاج ذكى يتغير لونه تبعا للسائل داخله فإن كان من الفئة 1 كان اللون أخضر،وإذا كان من الفئة 2 كان اللون أحمر ،أما الفئة 3 فاللون يتغير للأزرق.اﻷمر مناسب إذا كنت من سكان اﻷقبية فكل ما عليك هو ضغط الزر صاحب اللون المطابق للون الزجاج هذا هو عملهم باﻹضافة إلى أعمال التنظيف - أقصد تنظيف مخلفاتهم القليلة التي ﻻ توفر المدينة تقنيات للتخلص منها ـ إليك كيف تتخلص المدينة من مخلفاتهم : الوجبات التي تسلم لهم فى نهاية اليوم لها غرف خاصة ﻹستلامها ومن ثم ﻷكلها ثم التخلص من الفضلات والملابس ثمة منفذ للتخلص منها كل دورتي عمل (ثمانية عشر يوما) لذا علينا تنظيف بقية فضلاتنا ، يتسلم كل منهم رفش ومعول ورافعة وعلينا ابتكار بقية أدواتنا أو قل تركيبها من القطع المتاحة.
يدخل ﻻمي على أمه يجدها مجتمعة مع الغرباء يفكر : لما ﻻ أحدثهم عن أفكاري حول نظام اﻷقبية تلك أﻷبنية التى تحجب الشمس وتقينا من اﻵشعة اﻵشعة الكونية* ودقائق بيتا وألفا* وغيرها من الجسيمات المادية لدي طرق أفضل للحماية آه إن لدي الكثير من اﻷفكار ، لدي ما ﻻ يملكه سواي، يمكن للجميع اﻻستفادة من أفكاري ، يمكننا  استخدام وسائل لتنفس نظير النتروجين -أقصد أهل المدن - نعم إن النظير عنصر مشع لكن يمكن تأيينه بواسطة أداة كهربية بسيطة كالتي أستخدمها ... آه أصمت .ـ يضع لامي يده على صدره ـ  تكاد تقول خذوني ، اصمت وانتظر حتى يغادروا ، لقد ذهب الغرباء آن اﻷوان ﻷعترف لها ترى كيف سيكون رد فعلها؟
ﻻمى:كيف حالك (سديم)؟ لم أرك منذ مدة.
سديم:و ما الذى أجبرك للقائي أعلم أنك تكره رؤيتى وتشمئز مني.
لامي: أنا فقط ﻻ أرتاح لمجلس الغرباء لعلني أهابهم.
سديم :غريب على الرغم من أنك أشبه سكان اﻷقبية بهم.
لامي :توقفي عن حديثك هذا ﻻ تخلبى منطقى الصافى به ، لقد تعلمت درسي.
سديم :نعم لقد تعلمته لم تعد تطيل الحديث وتفتخر بالمعرفة كما كنت سابقا لقد أصبحت تحتفظ بالكثير لنفسك كما يبدو.
لامي :إذن عم كنتم تتكلمون أنت و سكان اﻷقبية ؟
سديم :أﻻ يحق لي أن أحتفظ بمعرفتي لنفسي أنا أيضا؟
لامي :لم يكن ذلك ديدنك معي من قبل ولكن فلتفعلي فلن أنال منك إﻻ خطل و هذي فقد طال عمرك أكثر مما تحتمله أنسجة رأسك الصغير اللزج.
سديم :ما الذى أتى بك إلى هنا (ﻻمي)؟ تكلم و ﻻ تخش لن تفيدك سلاطة لسانك هنا أرى في عينيك البراقتين أمل وخوف تكلم.
لامي  :آه..ﻻ تعودي لحديثك هذا لقد قتلني من قبل و يقتلني اﻵن ولن تنقذيني وأنا أتعلق بك و أختنق بأملي لقد دفعتيني إلى الهرب من المدينة دفعتيني إلى الهلاك فهل تنقذيني؟
سديم :عن ماذا تتحدث ﻻمي ؟
 لامي :عما يحدث لي لقد تنفست هواء طلقا وشربت ماء جار إن بشرتي تتساقط وذنبي ينكمش وقريبا سأكون ضفدعا معلقا في بهو ما ، يشق الغرباء بطني بينما أشاهد أحشائى تتوزع بين أيديهم.
سديم :كيف؟ ماذا تقول؟وكيف وصلت لهواء طلق أو ماء جار ؟و لم مازلت حيا؟
لامي :من هذا الذي يختبأ خلف العمود ؟
سديم :أي عمود هل تتوهم (ﻻمي)؟ هذا ﻷنك ﻻ تستعمل الطيب.
لامي :ها هو يا أمرأة خلف العمود اﻷزرق .
سديم: وهل يمكنك رؤية ما خلف العمود من هنا؟
لامي:اصمتي إنه قادم نحونا .
سديم :صحيح أي نظر هذا؟ إنها لعين غريب عينك يا ﻻمي.
يقترب الشبح الذي رآه ﻻمي ، إنه أحد الغرباء في بذته اللامعه وخوذته الكبيرة ، يقترب بخطوات واسعة لكن ثابته نظرات اﻻنبهار تبدو على وجه سديم ، لكن على وجه ﻻمى تظهر ملامح أخري إنه يشعر بالغضب أمر مفهوم ، ولكن هذا الغضب يوجهه ﻷول مرة نحو أحد الغرباء ، ليس نحو (سديم) و ﻻ(كنان) بل نحو أحد الغرباء ، لكن ما فاجأ ﻻمى نفسه أن الغضب ممزوج باﻻحتقار، أمر غريب لطالما احتقر ﻻمي الجميع أمه (سديم ) ، صديقه العزيز (كنان ) ، نفسه ، ولكنه لم يحتقر أحد الغرباء قط بل لقد أعجب بهم  و تمنى لو صدقت تنبؤات سديم ، تمنى لو ارتقى الى فوق ، فوق اﻷقبية حيث الغرباء و الجميلات و طوال العمر من سكان اﻷقبية ، حيث ينشئ الغرباء جيلا جديدا من السكان ليحيى خارج اﻷقبية، أو ليجعل الحياة خارج اﻷقبية ممكنة ، اﻷمر مختلف اﻵن إنه يحتقره ويوقن بأنه كان خلف العمود يتحسس خطوات ﻻمي ويتجسس على كلماته مع (سديم) ، أليس لديهم قدرات أو آﻻت تمكنهم من اﻹحاطة بمثل تلك المحادثات؟ ثم أليسوا أعلى وأرقى من أن يتجسسوا على ساكن حقير قصير الأجل مثل (ﻻمي) ؟
الغريب بصوت هادئ رخيم لكن واضح أنه صناعي فلهم كلهم أصوات متشابهه  : (سديم) يبدو أنك منهمكة في اللقاءات اليوم لقد تركناك منذ ثواني وها أنت قد وجدت من يشغل محلك ﻻبد أنك مهمة حقا كما يظن سكان اﻷقبية ، مهمة جدا بشكل يسمح لك بالارتقاء فوق.
سديم والسعادة بادية على وجهها : إنه أحد أينائي سيدي، اﻷقرب إلي قلبي ممن استولدتموني انظر إليه أقسم إنه سيحيا أضعاف عمر أقرانه كما إنه مميز مميز جدا لقد رآك من بعيد من خلف العمود حتى أنني ظننته يتوهم.
الغريب وقد سمع لامي شيئا في صوته ، شيئا خالط صوته أمر غريب ﻻعهد لسكان اﻷقبية به مع الغرباء لطالما كانت أجهزتهم الصوتية محكمة ﻻ تشوش وﻻ تهتز ولكن الصوت يهتز ـ  فقط لامي سمعه ـ  يكمل صوت الغريب : أنا كما تعرفين أقوم بالحراسة.
ﻻمي :حراسة أي حراسة لم نسمع عنكم بأنكم تحرسون.
سديم :أعذره سيدي..ثم توجه حديثها نحو ﻻمي..:ومن يحرسنا إذن يا أحمق.
ﻻمي : يحرسنا مما يحرسنا؟ وهل يحيا في اﻷقبية سوانا وتلك اﻷنابيب؟ثم إن لديهم من القدرات أو اﻵﻻت ما يكفيهم عناء التجسس والتحسس.
تتغير وقفة الغريب حتى أن الرائي ليجزم إنه لو وجد تحت خوذته رأس كرأس سكان اﻷقبية لبدا عليه الغضب تلاحظ (سديم) هذا فتتدخل متكلفة اﻻبتسام وهو في الحقيقة ﻻيكون إلا متكلفا في اﻷقبية  : ﻻمي دع عنك الحماقة والسذاجة وشاهد الهولوجرام و لو مرة لتتعلم شيئا لقد صدق الجميع حين قالوا أن قلة الطيب أفسدت دماغك.
بدا أن كلا الغريمين -نعم غريمان هكذا ظهر (ﻻمي) في مواجهة الغريب -الحارس ، لطالما كان سكان اﻷقبية يظهرون أقزاما أمام الغرباء لكن ﻻمي بدا ندا حقيقيا - بدا الغريمان غير مهتمين بمحاولة (سديم) تهدئة الهواء، ﻷول مرة يتحرك هواء اﻷقبية الثقيل ،كانت محاوﻻتها دون جدوى ، غير الغريب وقفته مرة أخرى ،لقد بدا كحارس حقا هذه المرة فلو وجدت تحت خوذته رأس كالتي نعرفها لرأيت ملامح التيقن والثقه ، رأيت عملاقا ينظر إلى قزم و بالفعل بدا أن ﻻمي يتضائل إن أوصاله ﻻ تستطيع حمله إن جسده يتداعي لكن جسده فقط.
ﻻمي محدثا تفسه : ما هذا الشعور أشعر بصدري يطوى إنني أفقد الوعي ، ماذا ألم بي ؟
"يبدو إذن ان جسده ليس فقط الذي يتداعى ."
يسترد (ﻻمي) وعيه بصعوبه ليجد نفسه نائما على سرير مريح ملمسه شمعي كملمس أرضية اﻷقبية ولكنه ذا قوام داعم صلب يحاكي انحناء عموده الفقري ، سرير مريح لكنه ﻻ يشعر بالراحة بل بالضيق ؛ فهو غير قادر على تحريك أي من عضلات جسده الإرادية باستثناء حدقتيه حتى جفنيه لا يستطيع تحريكهما.
أي عذاب هذا ؟ كيف ينبثق هذا العذاب من جسد في أقصى درجات الراحة و اﻻستقرار، رغم أن جسده لم ينعم براحة كتلك من قبل - حقا راحة أبيقورية*-  لكن صدره يضيق ويطبق على صرخات محمومة تبحث عن طريق إلى حلقه ، يحاول تهدئة نفسه ، ترتيب أفكاره دون جدوى  فعقله مليء بنبوءات العذاب و اﻷلم ، سيقومون بتشريحه بينما يشاهد. 
وبينما تسير المركبة بسرير (ﻻمي) يرى هولوجرام إعلاني لمائة قرد يطبعون* على لوحة مفاتيح تبدو قديمة ، بينما يقف أحد السكان مبهورا بنتاج عملهم لم يفهم قط (ﻻمي) معنى تلك الدعاية لطالما رآها هو وسكان اﻷقبية لكن لم يفهموا مغزاها ، إنه أمر خاص بالغرباء كما يعتقد الجميع ، لكن ما أثار حيرته حقا كيف علم الجميع أنهم مائه قرد ؟رغم أن الدعاية ﻻتصرح بهذا حتى أنه من المستحيل إحصائهم نظرا لقصر الدعاية .
لقد هدأت تلك اﻷفكار روعه قليلا في حين يدخل لامي مكان أبيض الحوائط (كل حوائط مدينة اﻷقبية رمادية مائلة للسواد ) مما يدفع حدقتيه الى الانكماش ويشعر بعضلات حاجبيه.. هه، لقد جفل إنه يستعيد السيطرة على جسده يجب ألا يعلمهم بذلك ،هكذا قد يستطيع الهرب .
ولكن كيف علموا ،هل وشى به (كنان) منذ متى يراقبه الغريب_الحارس ؟  ولما لم يقبضوا عليه من قبل ، يقترب منه أحد الغرباء و يبدو أنه سيحل اﻷحزمة التي تربطه بلطف بسريره قائلا: ليس ثمة حاجة لهذا اﻵن ﻻبد أنك استعدت بعض تحكمك بجسدك.
تضرب المفاجأة ﻻمي حتى أنه يشعر بحيوية أكبر من التي تمنى أن يحظى بها لكي يهرب ، لكنه يحدث نفسه قائلا:لا أمل إذن.
الغريب يسأل:ﻻبد أنك تتسائل عما حدث لك اﻷمر واضح إذا كنت تفكر بوضوح وهو اﻷمر الذي أستبعده نظرا لكونك ﻻ تحصل على جرعتك من الطيب ، دعني أفسر لك إذن ، لقد واجهت أحد الغرباء .
ﻻمي يجيب كما لو أنه لم يسمع السؤال :أنا لم أفعل...يتوقف متعجبا ثم يستطرد:ما قصدك بواجهت أحد الغرباء؟
الغريب: أﻻ تقدر الغرباء.
ﻻمي بضيق: أنا لم أسئ اليه ، لقد تساءلت فقط
الغريب مقاطعا: ماذا تقصد بتساءلت فقط ، لقد أظهرت شكا في تصرفاته ثم حاولت ان تبني حججا لتؤكد ظنونك ، هل تظن أن الغرباء يخطئون ؟ هل تظن أنهم تصرفاتهم دون جدوى؟ يمكنني أن أعيد فحوى حديثك.
ﻻمي :هل هذا سبب فقداني الوعي ؟ ﻷنني شككت؟!
ينتظر الغريب قليلا ثم يرد : نعم بالتأكيد.
ﻻمي : إذن فبمجرد الشك بالغرباء يفقد المرء الوعي ، بمجرد الشك أم التشكيك؟!
الغريب يحول خوذته بعيدا عن ﻻمي يحرك طرفيه العلويين كمن ينشغل فى حديث مع أحد ما ثم يزداد توهج أحد جوانب البهو و ظهر غريب آخر يقول الغريب الجديد:  هل تظن أنك قادر، قادر على إظهارنا كمن  كمن يخطئ.
(ﻻمي) و قد تمالك نفسه فقد تحول بعض خوفه الى ثقة : أنا فقط أتسائل لم يحرسني أحد الغرباء؟..ثم يعتدل في جلسته.
الغريب القادم من الوهج : لقد ظننتك مجرد أحمق ، لكنك أسوأ من ذلك،إذن أنت تشكك في الغرباء ، تهيل مخلفاتك على فضلهم ، هل تظن أن بإمكانك أن تطمر الشمس؟ كيف كنت ستحيا لولا الغرباء ؟كيف كنت ستوجد لولا الغرباء؟هل تعرف ماذا يسمى كلامك هذا؟
لامى يرد بسرعة :هرطقة ، زندقة؟!..بدا رده لاذعا ، لكنه سرعان ما ندم وتمنى سحب كلمتيه اﻷخريين ، يستغل صمت الغريب يحاول التراجع عن كلماته ، ويكمل : سيدي كل ما أردته أن تسمح لي(سديم) بمقابلة أحد الغرباء ؛ لدي الكثير من اﻷفكار التي ستفيد اﻷقبية ، و طالما تمنيت أن أعرضها عليكم .
كانت تلك محاولة لخداع الغرباء-الحراس لكن يبدو انها لم تثمر.  فقد رد الغريب قائلا : إذن تريد أن تصعد فوق، يا لها من طريقة للصعود ! تزدري المكان الذي ترنو إليه....ثم تابع الغريب بنبره مختلفه جهورية صكت أذن ﻻمي : خذوه.
و غاب ﻻمي عن الوعي.
يفيق ﻻمي على رائحة غربية عليه ، رائحة مهيجة للأنوف رائحة احتراق يفتح عينيه على وهج شديد لم يشهده من قبل (إذا استثنينا وهج الشمس الذي أغرم به من المرة اﻷولى التي رآه فيها ) 
يجب أن نذكر كيف وصل (ﻻمي) للهواء الطلق كيف استظل بنور الشمس كيف تعرض ﻷول مرة لفيتامين  "د" طبيعى وليس عبر مصابيح اﻷقبية أو من خلال الوجبات ، إن التوغل حيث يحرص (ﻻمي) على إخفاء ذكراه اﻷكثر ألما أمر ضروري لتفهم ما سيقدم عليه (لامي) ، و حتى ﻻ تخيب توقعاتك ،الذكرى ليست مؤلمة لمقتل شخص عزيز عليه و ليست مؤلمة بسبب عذاب جسدي ، فلا يتعرض أهل اﻷقبية لعذاب جسدي ولم يروا أحد تعرض له من قبل ، إن اﻷقاويل عن أشخاص يتم تشريحهم و هم ينظرون مجرد أسطورة شعبية تنمو في عقول سكان اﻷقبية دون معرفة مصدر بذورها وتنتقل إلى كل وافد جديد كحبوب اللقاح ولكن دون رياح (لا رياح في اﻷقبية ) .
تتلخص تلك الذكرى كالتالي  "منذ اكتسب (ﻻمي) ادراكه ملأته سديم بمسلمات غير التي يحصل عليها من مؤثرات النوم ،أول تلك المسلمات أن (ﻻمي) سيكون عظيما و سيصعد إلى فوق مع من تفرد من سكان اﻷقبية ليعملوا تحت إشراف الغرباء ، ﻹخراج جيل جديد قادر على الحياة خارج اﻷقبية، وقد أظهر ﻻمي صدق نبوءة سديم في كثير من اﻷوقات ،إذ تعلم قراءة رموز اللغة المكتوبة وفك طلاسمها وكان يجمع اﻷوراق التي في القسم اﻷخير من المدينة حيث كان تحت اﻹنشاء.
ﻻ يسمح الغرباء للسكان بالاقتراب من الانشاءات لكن كان ثمة درجة من التساهل مع (ﻻمي) الصغير الذي تمنى أن يملك ورقات كالتي يملكها خاله (ساري) فقد كان الاخير رمز تفوق بين سكان اﻷقبية ، كان (ﻻمي) معجزة حقا يتجمع حوله السكان رغم ضآلته وينظرون إليه نظرات إعجاب لم توجه ﻷحد السكان قط حتى (ساري)، لكن معجزة (ﻻمي) الصغيرة لم تدم كثيرا فقد أصبحت كلماته مربكة ، وتوقف عن إبهار السكان بتجاربه البسيطة التي تشرح بعض قوانين الفيزياء بل وتوضح سبب ميل اﻷنابيب والحكمة من أن سماء- سقف اﻷقبية على هيئة قباب باﻹضافة إلى بعض الحيل الحسابية التي لم يعلم عنها أهل اﻷقبية شيئا، لقد غير كلماته فصار يتساءل عن الغرباء ، بل أسوأ صار يتساءل عن السكان أنفسهم و يدعي أنهم كانوا عظماء من قبل عظماء كالغرباء، كانت القاسمة حين قال: أين من يرقون فوق ؟وما الذي أنجزوه إلى اﻷن؟ ولما ﻻ نقابل أحدهم ؟ هل تعرفون أحد رقى إلى فوق باستثناء المستولدات؟
  انفض المجلس من حول ﻻمي في غضب وحيرة ، لكن ﻻمي الصغير تابع أحاديثه المربكة حتى صار مفسدا للمجامع.
وبينما يعود ﻻمي لترهاته رد عليه أحدهم : لو كنت ذكيا كما تدعي لصعدت فوق.
ﻻمي : لم أدعي ذلك و ما أقوله إننا ﻻ نعلم إن كان ثمة من يأخذ فوق باستثناء المستولدات. 
يتابع الرجل: لمجرد أنهم لم يأخذوك هذا ﻻ يعني أنهم ﻻ يأخذون أحد.
ثم في أثناء الحوار ـ و يا لسوء طالع لامي ـ  يعرض الهولوجرام في اﻷعلى دعاية تظهر بعض سكان اﻷقبية في ملابس غريبة بيضاء وفي غرف بيضاء يقومون بإنجاز أعمال تظهر الدعاية أنها ستنشئ جيلا جديدا من السكان قادرا على الصعود إلى فوق و العمل فى الخارج، بهت ﻻمي وأسقط في يديه ولم يشترك في مجمعا مرة أخرى ، لكن اﻷمر لم يقف عند هذا الحد فقد أسرع لامي حيث يجد السكينة و الثقة ، لقد ذهب حيث موقع البناء فوجده مليئا بالغرباء شاهدهم من بعيد برؤية ثاقبة ستزداد حدة فيما بعد ، لم يجرؤ (ﻻمي) على اﻻقتراب منهم كما اعتاد أن يفعل ولكنه زحف بموازاة خط اﻷنابيب حتى نهايته ليجد كومة من مادة اﻷرضيات اختبأ ورائها  وخطرت بباله فكرة انها خطيرة لكن (لامى) كان عازما على الهروب من ألمه ،الهروب الى وريقاته التي لطالما أعطته الثقة.

 إن قوام الأرضيات العشبى يغريه بسحب احداها ،هي كبيرة ولكن يمكن طيها ، طواها (لامي) مرتين لتشكل مربعا طول ضلعه أطول من (ﻻمي) قليلا دخل ﻻمي بأحد الطيات بعدما وضع أرضيته بجانب كومة اﻷرضيات ودفعها بقدمه فسقطت اﻷرضيات على الأرضية التي يختبأ بها ﻻمي جاء أحد الغرباء بعد سماعه لصوت اﻻرتطام واستخدم ذراعا آلية لتحمل اﻷرضيات ومن بينها اﻷرضية التي يختبئ بها (ﻻمي) تحركت المركبة أخرج (ﻻمي) رأسه و تفحص المكان باحثا عن أقرب الطرق للمكان الذي يجمع منه اﻷوراق ، لقد وجده.
 قفز (ﻻمي) على اﻷرضية الشمعية لكن قفزته لم تصدر صوتا يذكر وتحرك نحو وجهته ولكن لم يجد شيئا لقد أتموا البناء و أزالوا المخلفات لكن ﻻمي الصغير لم يقبل تلك النتيجة فأخذ يهيم باحثا عن أية علامة ترشده لمخزون اﻷوراق.,
 بدا أنهم أغلقوا نافذة اﻷمل الوحيدة التي عرفها ﻻمي و أصبحت اﻷقبية على مرمى بصر (ﻻمي) نظيفة لامتناهية كاليأس الذي تملكه ولكن وميض نور لمع من مكان بعيد اتجه ﻻمي نحوه.
اتجه (ﻻمي) نحو الضوء إنه بعيد عليه الحذر من أن يراه أحدهم، ربما من اﻷفضل أن يزحف على طول خط اﻷنابيب لكنها تنتهي، إنه يرى نهايتها لكن لهذا دﻻلة جيدة إنه يقترب من منطقة إنشاء ربما يجد بعض المخلفات وبينها بعض الورقات، الاضاءة تزداد توهجا، سيسهل كشفه ، إنها أقوى إضاءة رآها إلى اﻵن في اﻷقبية، أمر غريب ليس ثمة مصابيح ، ما هذا الشعور وخز خفيف يداعب أذنيه،هل هو الهواء؟يحرك الهواء شعيرات زغبية على وجهه لم يعرف انه يملكها إﻻ اﻵن.
لقد سلبه أول لقاء له مع النسيم حذره ، يقف على قائمتيه ويتحرك نحو الضوء القادم من فتحات في اﻷقبية التي لم يكمل إنشائها ، ﻷول مرة يرى سماء غير سقف اﻷقبية ، رغم ذلك الجدران تحيط به تسد اﻷفق ليس ثمة بوابة إلى الخارج.
  يقطع انبهار ﻻمي بالمشهد الجديد شعور غريب جديد ، إذ تتعثر قدمه بأرض صلبه غير ممهدة ،أرض ﻻ عهد لسكان اﻷقبية بها ،إنه يشعر بألم يعقبه شعور بلذة  ـ ﻻ ليس (لامي) مازوخيا إنه الدوبامين الذي ﻻ يطلق كثيرا في اﻷقبية ـ اﻷرض متكسرة لو عرف ﻻمي اﻷسفلت لبدا المشهد أمامه كأسفلت محطم يؤدي لنفق صغير يشبه الجحر غير انه يسع فرد كبير من سكان اﻷقبية من اﻷفراد اﻷكبر حجما، يزحف (ﻻمي) داخل النفق حيث الظلام يلتهم الضوء و يلتهم معه الجرأة الطارئة التي أصابت (ﻻمي) لكنه يبتلع خوفه مع بعض تراب النفق ويكمل الزحف نحو النسيم ها هو الضوء يتسلل إلى النفق لقد عرج ﻻمي إلى المشهد الذي تطلع إليه دون أن يراه، لقد اقتنص ما ظنه محاﻻ ،المشهد مشهد بلدة مهجورة يعاد تعميرها ولكن لا أثر لآليات التعمير، أراض ممسوحة و أخرى محفورة بلا أثر ﻷي حركة سوى حركة الهواء،على الرغم من ذلك كان المشهد خلابا إلى ان أحس (ﻻمي) بألم في صدره:ﻻبد أنه الهواء ،يجب أن أعود بسرعة .قالها (لامي) الصغير محدثا نفسه.

**********
***********
حاشية  على القصة: *لامي اسم مأخوذ من الهواء الطلق وستتبين دلالة الاسم مع تقدم الفصول.
*كنان اسم يعنى الحافظ اﻷمين.
*للآشعة الكونية مخاطر يقينا منها الغلاف الجوي للأرض و المجال الكهرومغناطيسي لها .
* بيتا وألفا جسيمات مادية وليست آشعة وقد يتعرض الجسم لخطر إن تعرض لها. 
*أبيقورية : مذهب يعني باللذة سمي بذلك نسبة إلى أبيقور الفيلسوف الذي رأى أن الهدف اﻷخلاقي اﻷسمى للإنسان هو اللذة ، واللذة عنده تتمثل فى اﻻستقرار التام والراحة الكاملة دون توتر فتعتمد اللذة على نبذ الرغبة واﻻستغناء عنها ، سيتضح في الحلقات التالية أن اللذة اﻷبيقورية هي المفهوم اﻷساسي في اﻷقبية .
*الدعاية مقتبسة من فكرتين:1-متلازمة القرد اللامنتهية :تعبير عن فكرة تدحض العلة الغائية أي وجود قصد لخلق العالم و قد أشار إليها التطوريين مثل هكسلي و ريتشارد دوكينز و الفكرة تقول إنه لو ظل قرد يطبع لوقت لامتناهي لابد أن يصل لنتاج رائع بالصدفة ككتابات "شيكسبير" ، في اشارة إلى تعقيد الكون و يرد عليهم بأن الكون له بداية وليس منذ اﻷزل.
2-بحث المائة قرد و هو بحث في علم نفس الحيوان نال شهرة كبيرة عن انتقال بعض العادات وراثة و قد شكك الكثير من العلماء في حجيته.
و كلا الفكرتين متعلقتين بفكرة التحكم فحرص البعض على إضعاف إيمان اﻵخرين لبث اليأس في نفوسهم و من ثم التحكم بهم ، كما يتحكم بالمائة قرد عن طريق توريث العادات في أجيالهم .

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018

هروب من مدينة الأقبية مجمعة الجزء الثاني حتى نهايته الكتاب الأول

ظل الشعور باللذة الذي صادفه ﻻمي بالخارج ملازما له ،ﻻبد أن يعود هناك مرة أخرى ، رجع ﻻمي ﻻوراق الكيمياء ﻻبد أن نظير النتروجين غير مشع وإﻻ تحلل من الواضح  ان عدد النيترونات أكبر في النظير الذي استحدثه الغرباء كما أن له نفس خصائص النتروجين العادى لكن تأيينه قد يكون أفضل حتى ﻻ ينشئ روابط مع عناصر أخرى فى الرئة فهو نظير نشط ،من الممكن صناعة جهاز يؤين الهواء هو فقط بحاجة لقمع ،مدخرة طاقة، ﻻصق ذكي( المسمى أبو بريص بلمسه يلتصق بالسطح بقوة غراء خيالية وبلمسة يمر على السطح كالحرير) وضع في المدخرة قضيب معدني أخذه من رفش ألصقها بالقمع وأخذ بضعة مدخرات أخرى من التي توضع تحت اﻷنابيب وتسلل إلى الخارج.
استمرت رحلات ﻻمي إلى الخارج لكنه لم يجرؤ أن يتوغل بعيدا أو لم يرغب في ذلك، كان يجلس متأملا السحب والسماء والشمس والنجوم،و يسرع إلى النفق إذا اشتدت الرياح أو شعر بقطرات مطر أو ندى.


هروب من الجاذبية

يفيق ﻻمي على رائحة الحريق،يسمع صوت خلفه يقول:لقد بدأت باستعادة وعيك لكن لن تستعيد السيطرة على جسدك بشكل كبير إلا بعد ساعة، حسنا ﻻمي أنت تشك، هذا طبيعي إذ ينقصك تعلم اﻹيمان بقدرات الغرباء،فأنت تترك الطيب، و ﻻ تنام على موجات محاكاة الحواس، حتى الهولوجرام ﻻ تتابعه بالتزام،لذا دعني أريك ، دعني أثبت لك.

ينتزع الغريب الغريب جزء من بشرة ﻻمي قليلة القشور (لسكان اﻷقبية بشرة كثيرة القشور) ،يتألم ﻻمي بشدة، يتابع الغريب كلامه:انظر إلى جسدك كيف يتفاعل مع النار، لم تراها من قبل لكن اﻷمر يتعدي الرؤية سنجعلك تشعر بها .
يلقي الغريب القشرة في النار فيشعر ﻻمي بها وهي تحترق، إن دماغه المعرض لموجات محاكاة الحواس تكيف ليتعامل مع القشرة كأنها مازالت متصله بخلاياه العصبية.
الغريب:هل هذا ما تتساءل بشأنه (يستخدم طرفيه العلويين ليشير إلى تضمين الكلمة معنى آخر)؟اﻷلم؟أرجو أنت تكون إجابتي شافية لك.
يدير الغريب جسده كمن يشيح بصره، ولكن ﻻمي يتحرك بسرعة كبيرة فيصدم بكتفه قائمتي الغريب ، لقد استعاد السيطرة على جسده بسرعة،(خلافا لتوقعات الغريب) ينطلق ﻻمي مسرعا ،يحرك نظره فى اﻷرجاء بحثا عن أي مركبة ، ﻻ يرى أحد حوله المكان فارغ و ﻻ يوجد من يتبعه ،يشعر باﻷرض ترتفع أمامه كما لو كانت تطوى كجسر متحرك يرتفع ﻷعلى ،هل يعدون له مصيدة ؟ 

تنزلق بعض اﻷلواح التى تبدو خزفية لكن صلبة كالمعدن، إنها تشبه أرضية المكان يتجه أحد اﻷلواح نحوه ويصدمه ،ينزلق إلى أسفل ، تخرج من اﻷرضية خلفه عدة اسطونات تخرج غاز و صواعق كهربية يتمسك ﻻمي باللوح الذي يدفعه نحو الشرارة ويحركه ليصطدم بمنتصف اﻹسطوانة و يضع يده خلف فتحة اﻻسطوانة التي تصدر الشرارات، يتمسك بما في داخلها فينزعه بقوة ،لقد علم أنها مدخرة فقد انتزع الكثير مثلها من قبل يضعها على اللوح و يمد اثنين من أليافها على جانبي اللوح فيحلق مرتفعا ،ﻻبد ان اﻷرضيات تنتج مجال كهرومغناطيسي يرتفع اللوح بضعة سنتيمترات ويستخدم يده كراكب أمواج يصعد نحو أعلى الموجة وقد تحولت زاوية التقاء اﻷرضية التي ترتفع بالحائط إلى منحنى يميل إلى اﻻعتدال ، غير أن الأرضية تمتد لتلتقي بالحائط ، يرى فتحه في الحائط كنافذة صغيرة ، يحرك اللوح نحوها ويندفع من خلالها ليهوي إلى أسفل.


يسقط ﻻمي إلى أسفل نحو هوة عميقة ، المدخرة التي ألصق أليافها باللوح بواسطة لصق أبو بريص التصقت بثيابه وجسده فقد فعل بعض الاصق خطأ( يفعل اللاصق بلمس جزء منه ، ﻻحظ ﻻمي هذا فأمسك ألياف المدخرة وأرجحها مع اللوح ناحية جدار الهوة الذي بدا هشا كفاية ليعلق به اللوح (يخرج من الجدار نتوءات تومض وتتحرك في مختلف الاتجاهات) أرجح ﻻمي اللوح ووجهه نحو الجدار..لكنه أخطأه، دار اللوح بلامي ليسقط في حركة دورانية للأسفل (يشبه أحد القافزين للغطس في اﻷلعاب اﻷولمبية ولكن مع اللوح ) يشد اللوح إليه ويجعله مقابل لركبتيه و يميل بجسده للأمام فيصير اللوح تحته ،ويستعد للارتطام،تزداد مع اقترابه من القاع حركة الهواء ، تدفعه الرياح التي تنبثق من أسفل بعيدا عن اللوح، بلمسه للاصق أبو بريص يحرر نفسه من المدخرة التي مازالت ملتصقه بجسده ، يطير ﻻمي إلى الخلف ، ثم ينخفض ضغط الهواء ليسقط ﻻمي على مادة رغوية .
لقد نجا سقط على مادة رغوية لها كثافة عالية امتصت المادة الصدمة ، تتحلل الرغوة من القوام اﻹسفنجي إلى بخار، ﻻبد أن تيار الهواء والرغوة إجراءات لحماية اﻷشياء الموجودة بتلك الغرفة ، لعل بصره لم يخدعه حين رأى الجدار يتحرك بعيدا عن اللوح الذي ألقاه ﻻمي نحوه آملا أن يشكل مرساة ،لابد أن بالغرفة اجراءات حماية عدة تحفظها من التلف أو التخريب.

السائل اللاودي

أسفل الهوة الجو شديد البرودة ، تتحرك سوائل مضيئة بأطياف مختلفة في الهواء حركة حرة كما لو كانت محمولة داخل قنوات ، محاطة بأنابيب شفافة تطفو السوائل في قنوات من الهواء وتتحرك فى أفلاك منظمة ، حتى إنه بعيدا عن مكان ﻻمي هناك قنوات تتحرك فى الهواء غير محاطة بأنابيب، يبحث ﻻمي عن مدخرات إنها اﻷداة الوحيدة التي يجيد استعمالها ،ﻻ يوجد شئ يتحرك باﻷسفل ،تحرك ﻻمي ناحية القنوات غير المحاطة باﻷنابيب ،لكن كلما اقترب منها تنمو أنابيب حولها ، ﻻبد إنها آلية حماية،  تتلاقى القنوات وتتعقد تغصناتها أكثر فأكثر، وهناك حيث يتحد أكبر عدد من القنوات يرى ﻻمي وحدات صلبة، قد يكون هذا السراب هو حبل النجاة للامي أو قل مدخرة النجاة، يسرع نحوها ، الوحدات الصلبة ﻻتشبه المدخرات، إنها أصغر و أقل سماكة و تبدو مصمته ،الجو يزداد برودة و يشعر ﻻمي بصعوبة فى التنفس لعل مستوى اﻷكسجين قليل هنا ،يحدث نفسه : ما هذا، إن اﻷنابيب تنمو لتحيط بالتعقدات ستحيط بي ينتزع إحدى الوحدات الصلبة ويجري بعيدا عن تجمع القنوات.

ابتعد ﻻمي عن اﻷنابيب التي تحيط بقنوات السائل، وبدأ يبحث عن مخرج اتجه نحو الجدار، الجدار مغطى بنتوءات مضيئة تتحرك إيابا وذهابا ، يبدو الجدار واحة حية تمتلئ بكائنات رقمية ، خطرت للامي فكرة، مادام الجدار تحرك بعيدا عن اللوح الذي حاول ﻻمي استخدامه كمرساة فمن الممكن أن يفتح ﻻمي كوة في الجدار،يبحث لامي عن اللوح وما إن يجده حتى يباشر المحاولة التي تنجح و تنفتح كوة وسط الجدار السميك.
 يترك لامي اللوح وسطه حتي يضمن أن تظل مفتوحة بعد أن ينتزع المدخرة التي لم تعد تحوي كثير من الطاقة ،يعبر لامي إلى بهو أرضيته منحدرة ينزلق لامي عليها ليصل للجهة اﻷخرى من البهو وقبل أن يصدم لامي الجدار يرتفع مفتوحا ليسقط لامي فيما يشبه مكان تتجمع فيه القمامة ،المكان به أنابيب مختلفة اﻷطوال واﻷحجام لكنها ليست كثيرة بالنسبة لمساحته ، تغطي اﻷرضية مادة لزجة سمكها عدة بوصات ،من الواضح إنها مكان تجميع المخلفات التى تنضح من غرفة السائل الاودي لذا يتسرب باستمرار سائل يتبخر أغلبه بمجرد أن يلمس جدران الغرفة الملساء ثم ينزل ليختلط بالمادة اللزجة.


اﻹضاءة جيدة لكنها غريبة كما لو أنها تختلط بضوء الشمس ،نعم هناك أسفل الجدار كوة صغيرة يتسرب نور الشمس من خلالها ، تلك هي المخرج ، لكن كيف سيفتحها .
يحضر لامي أنبوب قصير ويملأه بالماددة اللزجة ،يفعل المدخرة ويضعها في الأنبوب ويحكم إلصلقه بالنافذة بواسطة لاصق أبو بريص ،يسمع صوت تشقق فيتحرك للوراء،ينفجر اﻷنبوب ويترك ثقبا في النافذة ،ثقب صغير لن يسع لامي،تتغير اﻹضاءة في المكان و تنزل نافذة أخرى من فوق النافذة المحطمة، لكنها تتوقف إلى أن تزال النافذة المحطمة، هذه فرصته للخروج يتحرك سريعا بينما تزال النافذة المحطمة آليا ،لقد أصبح في الخارج .

يتسلق نزولا من على سطح المبنى ويبتعد عن مدينة اﻷقبية.
 كم هى هائلة مدينة الأقبية إذا غربت الشمس خلفها أظلمت السماء.بينما يخفت ضوء النهار يبحث لامي عن مأوى، يعرف أن الجو سيكون باردا ، يتجه نحو أهل اﻷطلال ،يتسلل إلى الداخل ببطء ،يجد أشكال غريبة من اﻷسرة و المقاعد ،لم يبتعد عن مدينة اﻷقبية هكذا من قبل ، ربما يجد هنا ما قد يستخدمه فالمكان مليء بالوحدات اﻹلكترونية القديمة ،أغلبها محطم ،يتناول وحدة بها مخرج يشبه طرف الوحدة الصلبة التي أخذها من غرفة السائل الاودي لقد أوشك أن ينسى أمرها ،يحاول دمجهما معا  لا لن يتناسبان، يخرج ضوء من الجهاز القديم يمسح الوحدة الصلبة ثم يعدل المخرج ليناسبها، يتعجب لامي من كفاءة الجهاز و يضعه على مقعد فيخرج الجهاز صورة هولوجرافية.

وضع لامي الجهاز على مقعد ليخرج منه صورة هولوجرافية بها عدة رموز رقمية ، و طلاسم ، يحدث لامي نفسه :لا فائدة منه.
تخرج صورة فرعية مكتوبة باﻹنجليزية (التي يعرف عنها لامي القليل) تحويل من لغةc++ الى لغة التجميع ،لا يفهم لامي شيء ولكنه يلمس موافق فتتمدد الصورة بحجم الغرفة وتظهر نافذة صغيرة لاختيار اللغة ،بعدما يحول المحتوى للعربية يصدم لامي كثيرا ،انها معلومات تاريخية حتى لامي لم يكن ليصدقها لو قرأها في إحدى اﻷوراق،إليكم موجزا لما ظل لامي يتصفحه ليومين متتالين.


"منذ أعوام كثيرة استخدمت الحكومة الذكاء الصناعي في برنامج للسيطرة على بيئة العمل ،بالطبع اعترض الكثيرون لكن صوت السلطة كان السائد،اثبت البرنامج نجاحه فزادت اﻻنتاجية ومعدل الاستثمار و التوظيف ، تمكن البرنامج من توفير بيئة عمل هادئة و طيعة دون جهد بشري في إدارتها ،حلم لرأس المال و إثبات لصواب الحكومة، لكن لكل شيء عيوبه فقد رافق زيادة اﻹنتاج و جودة المنتج ضعف في اﻹبداع، لم يكن شأنا كبيرا فقضاء البرنامج-الحكومة على البطالة كان اﻹبداع اﻷقصى. 
دخل البرنامج المؤسسات المالية و التعليمية ، و أصبح مسيطرا على كافة مستويات اﻹدارة .
تغيرت اتجاهات التعليم فتحول الناس من تعليم أولادهم الرياضيات والبرمجة لأن التعليم أصبح خاضعا لطلب بيئة العمل وأصبح توجيه المتعلمين خاضع لاختبارات تحديد اﻻمكانات و قيلس السمات اﻷمر الذي رفضه الذكاء الصناعي في البداية لكن المبرمجين وجدوا خوارزمية تدفع برنامج إدارة التعليم لقبول رؤيتهم، صارت سوق العمل تطلب (وفقا لتحاليل البرنامج )مشغلين لا مبرمجين ورجال مبيعات لا مهندسين فالبرنامج وجد أنها وظائف تحتاج لكفاءات صناعية ،مع مرور الوقت ألغيت تخصصات اﻹدارة ومناهجها وأصبحت خاضعه لبرامج حاسوبية ذكية.
طور البرنامج نفسه من السيطرة على بيئة العمل للسيطرة على العاملين ،بعدما رفعت الدولة شعار المواطن الفعال(العامل ).
و بذلك قتل المسخ صانعه وسميت الحكومة (حكومة فرانكنشتاين) .
ظلت البرامج تتوغل حيث أثبتت فاعليتها وكفاءتها ،استبعد اﻷفراد من مجاﻻت العمل خطوة.. خطوة ،تلك البطالة الهائلة كانت تنذر بكارثة إلى أن جاء التالي( غزو من الفضاء قادم إلى اﻷرض البشرية اﻵن أمام معركة أكبر من معركة البطالة.

كانت أنباء الغزو تملأ اﻷجواء كما ملأ الغزاة الجو بنظير لغاز النتروجين الذي لم يعلم بعد تأثيره على الكائنات الحية و إذا كان ممكن تنفسه دون تأثيرات قاتله،كان الحل في بناء اﻷقبية  كملاجئ ،وفر البرنامج مقومات الحياة،لم يعكر السلام داخل اﻷقبية سوى البطالة والحبس .
وضع البرنامج خطة للاستقرار ،لقد أبدع الذكاء الاصطناعي حقا تلك المرة، ثبط المحفزات وخفف الدوافع عن طريق تعديل كيمياء الجسد ،اصبح الغذاء و الهواء معبئا بعقاقير التثبيط ،إضافة إلى البرمجة العقلية بواسطة أجهزة تحفيز الحواس.
تم تخفيف الدوافع في اﻷجيال المتتالية تدريجيا حتى لا يتقلقل الاستقرار بصدام اﻷجيال ،أشبع البرنامج الرغبات المخففة دائما ،كلما خفت الدوافع و قلت الحوافز كان عمل البرنامج أسهل و السيطرة على اﻷفراد أسهل.
صار يتم تخصيب النساء معمليا للحفاظ على النوع بعدما عزف الأغلب عن الممارسة الجنسية ،تم تعديل المواليد جينيا لملائمة أكبر للحياة داخل اﻷقبية ،لم يفهم فكرة تزويد اﻷجنة بأذناب ما فائدتها ؟ لعلها مزحة من البرنامج.
بعدما أصبحت السيطرة على سكان اﻷقبية قليلي الدوافع،اعتمد البرنامج سياسة عزل اﻷفراد الذين يظهرون تميز من حيث الحافزية أو الاستجابة لآليات البرنامج ،كان يتم تصعيدهم فوق، كان المبرر انتخاب اﻷفراد المميزين لإيجاد حلول وتنشئة جيل جيد يواجه اﻷزمة.
قل عدد الصاعدين فوق وزادت وظيفة البرنامج سهولة ،لكن لكل وضع سلبياته كان البرنامج يزداد رتابة، بدا أنه يخمل هو اﻵخر ، صار البرنامج يتبع صيغ ثابتة، و يجتر برامج أولية تشبه التي سبقت ابتكاره.
لقد ارتاح الجميع لترك مهمة مواجهة الغزو ﻷفضل أجهزة الدولة والذي أصبح اسمه برنامج مواجهة الغرباء .
يتوقف لامي عند ملفات مواجهة الغزاة يحاول فتحها لكن يخرج اشعار يفيد عدم قدرة المشغل على التعرف على لغة اﻵلة.
استطاع المشغل إظهار ملف من كلمة واحدة (محو اﻷنماط ).


بينما يتابع لامي اكتشاف الماضي يسمع صوت بالخارج،إنهم الغرباء-الحراس ،يجب أن يهرب، يجري بخطوات رشيقة يجد سلم ،ينزل نحو اﻷسفل إنه مرأب واسع ،لا مكان للاختباء ،ثمة غرف في الناحية اﻷخرى تحت لافتة مكتوب عليها مخازن، يجري نحوها لكنها مغلقة ، وثمة شاشة تبدو كقفل الكتروني ،فى حركة رعناء يمسك قضيب من اﻷرض ويحطمها ..تخرج بعض السلوك ،أحدها موصل بناقل بيانات،يوصله لامي بالجهاز الذي معه،الجهاز مازال موصلا بالوحدة الصلبة التي أخذها من غرفة السائل اللاودي ، تظهر نافذة تطالبه برقم التعريف وبصمة العين بينما تظهر نافذة أخرى مكتوب عليها مسح الأرشيف ، لابد أن الوحدة الصلبة بها أرشيف للأشخاص الذين كانوا هنا.
يفتح الباب يتحرك لامي للداخل ولكنه يعود سريعا ويحطم بعض اﻷقفال اﻹلكترونية اﻷخرى ،يضغط على عدة أزرار ليغلق الباب ،تنجح محاولاته أخيرا.ينتظر طويلا ،من الواضح أن الغرباء-الحراس لم يدخلوا المبنى يتجول في المخزن ليجد رف مكتوب عليه مدخرات نانونية.


محو الأنماط 

لابد أنه مهووس بالمدخرات يجمع الكثير منها في حقيبة باﻹضافة إلى بعض العلب مكتوب عليها لاصق خارق وبعض المسامير،ويخرج باحثا عن غذاء لن يكون ذلك مستحيلا فقد وجد ماء و طعام من قبل خارج اﻷقبية ، كان ينقي الماء باﻵشعة و الكربون (الكربون متوفر في حمامات اﻷقبية و مصابيح اﻷقبية يمكن تعديلها لتعطي أطوال موجية مختلفة؛ لذا استطاع التعرف على ما وجده هناك ) أما الطعام فثمة نبات له زهرة صفراء كان يمتص رحيقها (نبات السمو ) وشجرة كان يأكل براعمها الطلح 
وجد لامي بعد مسيرة طويلة شجرة الطلح ، لكن أجفله ما رآه بجوارها شبح لشخص يمكن وصفه هكذا:
"رأسه مغطى بنسيج أحمر كثيف ،يمتد خارج من النسيج نسيج أبيض رقيق يغطي وجهه ، بينما تطوق جبهته مادة سوداء سمكية كالمطاط يبرز منها شاشتان صغيرتان ،يستخدم اﻷولى كماسح هولوجرامي موجه نحو الشجرة، أما الثوب الرمادي فأكمامه مثلثة، مسدل حتى الركبتين ،فاتح اللون ،مربوط الى الخصر بحزام سميك معلق به أدوات مختلفة ، فى وسط الحزام قطعة معدنية معقدة التركيب .
تحت الثوب بنطال من قسمين :اﻷسفل من الركبة إلى الكاحل باللون اﻷسود ومن مادة جلدية سميك ،والنصف اﻷعلى من البنطال أكثر اتساعا بلون رمادي متصل بالحزام ،فوق تلك الملابس عباءة بلون أحمر باهت من نسيج متماسك تبدو كأنها تجمع أجزاء الثوب الغريبة سويا .
يحرك الشبح رأسه ناحية لامى-لا ليس مرة أخرى-يمد يده نحو الحزام و يصوب نحو لامي فيخر صريعا.

في مشهد ديجافووي(مكرر )يفيق لامي مقيدا ،لكن إلى سرير غير مريح ، تقع عيناه على مشهد لأشخاص لم يخبرهم من قبل كآلهة الغرباء كما تخيلهم وجوه ملساء على جانبيها شعر كثيف، يقول أحدهم الذي كان ذا عينين غائرتين لم ير لامي أحد تقبع نافذة روحه في مقع أبعد من هذا ـ اذا استثنينا الغرباءـ  تلك العيون الفاحصة تخترق روحك وتسبر أغوارك كان طويلا أو هكذا بدا للامي  : إذن عزيزي "أيهم" هذا هو شكل كائنات اﻷقبية.
"أيهم"
الذي بدا صلبا للغاية ، صدره شديد الاتساع يده ضخمة و أصابعه غليظة لكنها ملساء ليس أطولهم لكنه بلا شك أشدهم بأسا ، يفرز بعض بطاريات النانو و يضع بعضها داخل ما يشبه المقابض يرد:   نعم كائنات مقززة ،أمعن النظر إليها "خزام" لعلك توقف ترهاتك عن كونهم يستحقون اﻹنقاذ ،لقد ركنوا إلي الغرباء وعبدوهم.

خزام: إنه هارب منهم، لعله يستحق اﻹشادة ، فبعد تسميمهم لدماغه ،وتغييرهم لخلقته ،استطاع الهرب.
يتكلم شخص آخر بينما يحاول تهيئة الوحدة الصلبة التي كانت مع لامي ليدخلها أحد اﻹجهزة،يقول: و لما يهرب ويترك حياة الدعة والرغد ،إنهم لا يتكلفون مشقة ولا يشعرون بألم ،ربما طردوه .قال ذلك بعدما نجح في تنشيط الوحدة لكن لم يستطيع فتح ملفاتها لوجود رقم تعريفي وبصمة عين ، يقول بعدم اهتمام:لا فائدة منها.
ثم يدخل أحدهم ويقول احملوه إلى "أوس". 

 يحمل لامي إلى "أوس" الذى يتوسط الحجرة على مكتب معدني فوق منضدته قفازان معدنيان كبيران يخرج من برامجهما فوهات صغيرة ،يبدو أنه يصلح أحدهما ثم يرتديه فتدخل الفوهات ويتحرك المعدن في القفاز حركة آلية لتتغير ويصبح أصغر و يخرج من معصمه مدفع صغير،يوضع لامي أمام "أوس" الذي ينظر للآخرين في حين يوجه كلامه للامي :لا أعلم إن كنت ستفهم كلماتي ،لقد خبرت أمثالك من قبل ،تتكلمون بلسان قريب من لساننا .
ثم يمسك الحقيبة التي كانت مع لامي ويتابع:أراك تجمع أدواتنا،ما حاجتك بها ،ألا يكفيك الغرباء حاجتك، ألم تركنوا إليهم لتنعموا بالراحة وخلفتم الدمار وراءكم، لم تسرقون من مخازننا؟
تتابعت كلمات أوس دون أن يجرؤ أحد على مقاطعتها ، لم يكن "أوس" ينظر إلى لامي لم يهتم أحد به كانت كلمات "أوس" خطبة، لم يكن في الأمر استجواب ، لكن لامي الذي واجه مخاوف كثيرة الى اﻵن قادر على وقف سيل كلمات أوس، فقاطعه قائلا :لست تابعا للغرباء ،لقد واجهتهم وهربت منهم، لم آتي لسرقتكم بل للانضمام إليكم ،لدي بعض المهارات التي قد تفيدكم ، ومعلومات قد تنفعكم.
كان رد لامي مدهشا للجميع لم يكن لفحوى كلماته أثر كبير بل مجرد خروجها منه كان صادما،نظروا مشدوهين كأن الكلمات خرجت من حجر.
تكلم "خزام" الذي بدا كشخص تواق للاهتمام شخص يظن أن لديه حقا ما يقوله :لقد واجه ذلك الكائن الضعيف الغرباء دون خوف، إنه يؤمن أنه يستطيع قهرهم.
يقاطعه "أيهم": بربك خزام تتكلم عنه كأنه من أهلنا.


قرأ لامى كلمات ك"أهل" و "رب" من قبل و لكن لسماعه إياها وقعا آخر ، بدا أنه رأى ما قرأه في الكتب و واقعه و لمسه لقد بدا الموقف له كتحقيق نبوءة. 
وبينما يفكر في تلك الكلمات خاطبه "جرير"  و كان يبدو أسنهم أو أكثرهم فقد بدت أسئلته كأنها تسير في طريقها الى الأجوبة ، يعرف بما سيبدأ وكيف ينهيها، قال :كيف هربت من الغرباء.
حكى لامي ما حدث بينما ينظر إليه خزام بإعجاب ،ويتجاهل حديثه "أيهم" و ينظر إليه "أوس" شزرا،إلى أن أوقفه "جرير".
جرير: هل تريدنا أن نصدق أنك قادر على تدبير كل تلك الحيل؟ كيف أقنعك الغرباء بالمغامرة بنفسك؟لابد أنها موجات الدماغ ،يحسن أن تعترف بالحقيقة إذا كنت ترغب بالعودة إلى اﻷقبية .
أوس :ليس لدينا هنا عذاب حقيقي فحسب بل لدينا مستويات من العذاب.
تدخل إمرأة لم يستطع لامي أن يراها من مكانه ،تقول:أعفوا عن الكائن المسكين.


أوس:يجب أن نسلمه لحراس اﻷقبية ، و الا زحفت تلك الكائنات على مخزوننا و بددته. 
خزام غاضبا :هل نعمل لدى الغرباء ؟أنسلم لهم من يعارضهم بدلا من إنقاذه؟
جرير مصعرا وجهه:لن يسئ الغرباء لجاسوسهم، وحتى إن كان هاربا فلن يلحقوا به أذى .
خزام: وهل هناك أذى أكبر مما هم فيه؟لقد قطعوا أنسالهم ،و شوهوا خلقتهم ،و حرموا عليهم ضوء الشمس و نسيم الوادي .
"أوس" بحزم:جرير و "أيهم" احملوا الكائن لبوابة اﻷقبية .
يتحرك اﻻثنان ليضعوا لامي على مركبة بأربعة محركات صغار بحجم كرة القدم ،تركب المركبة كالدراجة و لا تحمل أكثر من ثلاثة أفراد ردف بعضهم ،يوقفهم خزام ويناولهم أدوات لتفكيك وجمع الدراجة كي يطيلوا متنها ويزيدوا من عرضه لتحمل لامي المقيد معهم، تسقط من خزام بطارية نانو ،يمد لامي يده نحوها يسحبها ثم يحك يده القشرية بسريره المعدني ،يبصق على طرف البطارية ويضعها مكان اﻻحتكاك ثم يلقي بها ناحية محركات المركبة محملة بشرارة تكبر حتى تسقط على كابل التوجيه و التغذية فيندفع المحرك حاملا المركبة ،للأمام التي تجر معها جرير و "أيهم" يجري خلفهم خزام ، يعتدل لامي ليجد مقبضا كان "أيهم"يوصل به بطارية نانو ليصدر بلازما ضعيفة ،يقطع لامي قيودة المعدنية بحذر ثم يركب إحدى مركباتهم الطائرة ،يهرب مرة أخرى، حقا(ديجافو ) ،لكنه لن يهيم هذه المرة فوجهته مدينة اﻷقبية لابد أنها قدره ،" لن يتحرر لامي إلا بالعودة لسجانه".


حمل لامي على المركبة قدرا كبيرا من بطاريات النانو وبعض مقابض البلازما، انطلق لامي نحو مدينة اﻷقبية وانتطلقت داخله مشاعر الغضب بعدما علم أنه لا مهرب من مواجهة الغرباء-الحراس ، لقد أنهى البدو حلمه بالانضمام لعشيرة حرة خارج أسوار اﻷقبية، يتردد صدى كلمات خزام في آذانه ،أي ضنك أخضعوهم إليه ، لقد وطئوا جوهرهم و جردوهم من أرواحهم ، أطعموهم حنظلا حتى استطابوه ، مسخوا أجسادهم ، و اقتادوهم من أنوفهم .
دارت خواطر اﻷلم داخل عقل لامي حتى استطاب مدارها ، لقد صار مركز فلك آلامه ، لقد قيل له مؤخرا أنه يتشوق للألم(مازوخي ) ،لكنه تيقن أنه يتحرر به من محرقة النفوس داخل اﻷقبية، لن يطلب لامي اﻷلم بعد اﻵن ،فقد أصبح هو وجه اﻷلم ،حاد-متأجج -مخترق-سريع الوصول و ذو حراشف.
لكن أولا يحتاج بعض الطعام يجمع بعض الرمال و الماء فى أوعية ويأكا بعض براعم شجرة الطلح ويتحرك نحو النفق.
وصل لامي إلى النفق ،ترك المركبة بالخارج أخذ الحقيبة جمع بعض أكبر البطاريات بمحول طاقة ،يجمعها بأنبوبة قطرها عشر بوصات و ارتفاعها قدم ،يجب أن تملأ بنظير غاز "أنون أكتيوم"الخامل(يعرف من أين يجمعه)الذي يتحمل شحنه بكمية هائلة من الطاقة قبل أن تتحرر.
يتسلل لامي داخل اﻷقبية ،يبحث عن كنان ،يجده متفاجئا به ،غاضبا للغاية، كان لمشاعر نتيجة واحدة "احتضان لامي " .
لامي: لايوجد وقت للحديث ،أين سديم؟
كنان:و لكن ..ألم يشرحك الغرباء ؟
لامي :بلى لقد شرحونا جميعا، آن اﻷوان لرد صنيعهم.
قطع حديث لامي تغير في اﻹضاءة و ظهور الغرباء،يخرج لامي مقبض بلازما و أنبوبه رفيعه ،يخرج من جيب كنان  لاصق أبو بريص يجمع اﻷنبوب بالمقبض و يفعل البلازما ليخرج وميض من الغاز الملتهب.
يوجهه نحو أحد الغرباء-الحراس  الذين يتحلقون حولهم يرمي لامي ببعض الرمال في الهواء ويسكب المياه على رأسه ورأس كنان آملا أن يحميهم هذا من الموجات الدماغية ،يقترب الحارس من البلازما ،تصدم البلازما سترته المعدنية محدثة قوسا كهربائيا دون أن تؤثر به،يلوح لامي ببارقه بيينما يضيق الخناق عليهما ،تلمس البلازما فاصل مطاطي فتطاير اﻷطراف و ترتفع الخوذة لتسقط بين قدمي كنان.
بدت البذلة فارغة كأنها معبئة بالهواء ليس ثم أية رفات متناثرة ،تراجع الغرباء-الحراس وتجمعوا بعيدا كأنهم في انتظار تعليمات.
جرى لامي و كنان في اﻹتجاه المعاكس بحثا عن سديم، عندما رأت سديم لامي ممتشقا بارقه البتار لم تتمالك نفسها وكادت تهرب لولا أن المفاجأة صعقتها، قال لامي: خذيني إلى أحد المصاعد.
لم تنفع توسلات سديم التي انصاعت له بمجرد أن رأت خوذة الحارس بيد كنان.
توجه الثلاثة نحو مخرج في نهايته باب معدني كبير يقف عنده حارسان ،لم يكن صعيا على لامي التخلص منهما،استخدم لامي مقيض البلازما لكسر القفل ، وجهتهم سديم إلى الداخل حيث تم شفطهم ﻷعلى ،وصلوا لبهو يشبه البهو الذي هرب خلاله من قبل ،طالب لاهي سديم وكنان بتفقد النوافذ ليعرف أيها تطلعلى هوة عميقة،بينما توجه إلى ما يشبه منضدة معدنية فقطع قوائمها و حمل سطحها ليصل بها مدخرة ، لابد أنه يتوقع أن تتحرك اﻷرضية كما حدث من قبل ،تصيح سديم قائلة:لقد وجدت ضالتك.
يجري الذكران نحوها بينما يجر لامي اللوح الذي شذبه بالبلازما، يدخل من أحد المنافذ مجموعة من الحراس ،تبدو ستراتهم مختلفة إنهم أكبر حجما من بقية الغرباء-الحراس ، من الصعب أن يخترق سيف البلازما تلك البذات،يوجه الحراس بنادف صاعقة نحوهم لكن لامي يتمترس باللوح ،ويطلب من سديم اﻻختباء بفتحة النافذة، تنفذ سديم ذلك رغم عدم منطقية الطلب لكن في تلك الفترة بدا أن المسلمة الوحيدة هي لامي.ما أن تضع قدمها حتى يدفعها لامي لتسقط ﻷسفل الهوة ،ينظر له كنان نظرات حائرة، يقول له لامي عليك أن تتبعها ،إن لم تثق بي ثق بهذا(مشير لبارقه البتار ) ، ثم يوجه سنانه نحو طرف اللوح و يلمس بالطرف الساخن جسد كنان الذي يقفز من اﻷلم و يتعلق بالنافذة ، يدفعه لامي بيد بينما يمسك بيده اﻷخرى ترسه اللوحي ليلحق كنان بسديم.
عليه مواجهة الحراس ليصل إلى غرفة السائل اللاودي، أخرج مدخرة من حقيبة ظهرة ،فعلها و ألقاها نحو أحد الحراس الذي التقطها ، نزع لامي لصق أبو بريص و زاد من حدة البلازما ،ألقى المقبض نحو البطارية و لكنها سقطت بعيدا عنها (إن الحوادث تثبت أنه لا يجيد التصويب ) ،يرفع أحد الحراس مقبض البلازما يحاول إغلاق البلازما لكن يرفع من حدتها حتى تلمس البطارية في يد الحارس للتتناثر القطع المعدنية و يطير لامي مصطدم بالجدار و سقط يكاد أن يفقد الوعي ،دفع نفسه نحو النافذة وتبع كنان و سديم إلى غرفة السائل اللاودي .
تبخرت الرغوة التي تلقته ،أخرج الجهاز المعبأ بغاز "أنون أكتيوم"الخامل فعل المدخرات وأسرع نحو أكبر تجمع لتغصنات السائل ثم ألقاه وسطها قبل أن تغلف الأنابيب السائل ،أخرج لامي من الحقيبة مقبض بلازما وفعله و ألصقه باﻷنابيب ليحرص على أن تظل اﻷنابيب حول الجهاز و السائل.
يسرع السكان الثلاثة نحو مستودع المخلفات يستخدم لامي السائل اللزج لفتح كوة كما فعل حين هرب من هنا آخر مرة تفتح النافذة ويدفع سديم إلي الخارج ، لكن يبدو أن النافذة البديلة تغلق أسرع وبقوة أكبر من المرة السابقة ، أعد لامي وحدة جديدة لفتح النافذة مرة أخري لكن يبدو أنها لا تتأثر تبدو أمها أمتن وأصلب ، يجرب نافذة أخرى ، إنها التي فتحها حين سقط هنا وحده،إنها التي تقع بالوسط ، لا فائدة أيضا (لابد أن النافذة البديلة تكون أصلب ويتعذر تدميرها ) لم تتبقى سوى نافذة أخيرة لم تتعرض لمحاولات لامي ،هذه الفرصة اﻷخيرة ، يجب أن يسرع كنان و لامى بالخروج قبل أن تنزل النافذة البديلة ،تنجح المحاولة و تخرق النافذة يدفع لامي كنان بقوة ينزلق للخارج في حين قدمه اليسرى مازالت عالقة بالداخل تنزل النافذة البديلة بسرعة كبيرة و حدة لتبتر قدمه ويغشى عليه ،تصرخ سديم و تطرق بقوة على النافذة ، يحاول لامى تحطيم النافذة بكل الحيل دون جوى، اﻷلم يعتصر قلب سديم ،لم تظن أن هناك شىء يمكن أن يطعنها من داخلها ، يخترق اﻷفق متحركا نحوهم مركبة تحوم ثم تنزل بجانب كنان المبتور ،إنه خزام لقد تبع أثر لامي بعد أن ساعده على الهرب من أوس و جماعته ،تبعه حتى وجد المركبة و لكن لم يلاحظ النفق الموصل للأقبية.
تحكي له سديم ما حدث ، يحاول إخراج لامي بينما يقول: لامي أيها اﻷحمق إنها خلية ذكية واحدة من آلاف خلايا مدينة اﻷقبية .
يرى خزام وميض فيحمل كنان وسديم بعيدا.
بينما يتمدد الوميض مبتلعا هذا الجانب من مدينة اﻷقبية وفي وسطه لامي، لقد صدقت نبوءة لامي ، فقد وجد حريته في محبسه ، و كان هلاكه على يديه.